أن تصبحي أمًّا يعتبر تغييرًا جذريًّا وممتعًا في حياتك فالأمومة مهمة صعبة بغض النظر عن مستوى تعليمك ومهنتك، وستحتاجين إلى بعض الوقت والجهد لتتمكني من القيام بهذا الدور ولتعتادي على هذا الوافد الجديد وقد يصيبك الخوف والقلق عند العناية به وخصوصا إذا كنت أمًا لأول مرة فلا داعي للقلق لأنك ستخوضين التجربة مع طفلك وستتعلمان معًا كيفية التأقلم على هذا الوضع الجديد.
ليس من المستغرب أن تتضارب مشاعرك بقوة في الأسابيع الأولى فقد تعاني من اكتئاب ما بعد الولادة وتنهمر دموعك فجأة دون أن تتمكني من السيطرة على مشاعرك وقد تشعرين بالإنهاك والإرهاق فلا تقلقي إنه أمر طبيعي بسبب التغيّرات الفسيولوجية والهرمونات وستعودين إلى سابق عهدك وستشعرين بسعادة غامرة عندما يبدأ طفلك بالتجاوب معك. لذلك لا تكلّفي نفسك فوق طاقتك وحاولي أخذ قسط من الراحة عندما ينام طفلك واستفيدي من خبرات وتجارب من حولك من قريباتك وصديقاتك.
تحملين طفلك بين ذراعيك وأنت تشعرين بسعادة غامرة وقد تشعرين بخوف من المسؤولية الملقاة على عاتقك وتتساءلين هل سأتمكن من توفير أفضل الظروف لنموه وتطوره؟ ترى ماذا يحتاج طفلي وأنا لا أستطيع التواصل معه لمعرفة إن كنت أقدم له الرعاية التي يحتاجها؟ أرجو ألّا تشعري بالقلق فكل ما يحتاجه طفلك هو حبك وحنانك.
من المهم معرفة ماهية الرعاية الصحية التي يحتاجها طفلك، حيث تختلف الدول في برامجها الصحية لرعاية الطفل وشمولية الخدمات المقدمة، ولكن غالبيتها تتفق على المكونات الرئيسية التالية:
- الفحص العام للطفل للكشف عن أي عيوب خلقية قد تؤثر على صحة الطفل وتطوره، ويقوم به الطبيب في الزيارة الأولى للطفل إلى المركز الصحي.
- المسح الطبي لحديثي الولادة للكشف عن أي أمراض وراثية أو غير وراثية قد تؤدي إلى الإعاقة العقلية ويجب إجراؤه مبكرًا، ويفضل أن يكون في الأسبوع الأول بأخذ عينة من الدم من كعب المولود.
- مسح السمع للكشف عن أي ضعف أو فقدان في السمع وسنتحدث في الموضوع بتفصيل أكبر في مقال موسع لأهمية الكشف، ولأن برامج التدخل المبكر تعطي الفرصة للطفل للتطور والتعلم كغيره من الأطفال، حيث يوصي المختصون بإجراء الفحص بعد الولادة مباشرة وحتى 3 شهور وأن يتم تشخيص المشكلة قبل 6 شهور وأن يتم التدخل قبل الشهر التاسع.
- المطاعيم وتختلف الدول في برامج التطعيم لذلك أنصحك بمراجعة مركز الأمومة والطفولة للتعرف على برنامج التطعيم الوطني.
- متابعة التطور في السنوات الخمس الأولى من حياة الطفل، وبالرغم من اعتباره أحد المكونات الرئيسية من صحة الطفل إلا أنه غير منفذ على الوجه المطلوب لتحقيق الفائدة منه، ولذلك سنركز عليه لأن الأم هي الأقدر على متابعة التغييرات الطارئة على طفلها وهي الركن الأساسي في تحفيز الطفل لاكتساب المهارات المناسبة للمرحلة العمرية المعينة.
وقد عشت هذه التجربة مع أطفالي ومع النساء اللواتي يراجعن العيادة مع أطفالهن وبإذن الله سنخوض هذه التجربة الممتعة معًا فقد كنت أشعر باهتمام وسعادة الأمهات عندما كنت أشرح لهن متابعة تطور أطفالهن وكيفية تجهيز بيئة غنية بالمثيرات لرفع قدرات ومهارات الطفل والذي يجب أن نبدأ به من الأيام الأولى من عمره، لتحفيزه ورفع نسبة الذكاء المكتسب ونتطرق إلى الفحوصات الطبية لكل مرحلة عمرية وسنبدأ السلسلة في الأسبوع القادم بإذن الله. وإلى أن نلتقي اريد أن تستمعي لهذه الرسالة من طفلك.
أمّي:
- أشعر بالدفء والحنان والطمأنينة عندما تحملينني بين ذراعيك قريبًا من قلبك فدقات قلبك تشعرني بالهدوء والسكينة، ولكن أرجوك أن تسندي رقبتي عند حملي فأنا لا زلت لا أتمكن من التحكم بها.
- أحب سماع صوتك والنظر إلى وجهك.
- أحب الألوان الصريحة والألعاب وقد أحدّق فيها ولكني ما زلت لا أستطيع الإمساك بها وأحب أن تغيّري وضعي عند النوم لأتمكن من تحريك نظري في جميع زوايا الغرفة.
- الأصوات العالية والأضواء الساطعة تخيفني وتكرار إيقاظي من نومي لعرضي على الضيوف تزعجني وتجعلني قلقًا كثير البكاء لذلك أرجوك أن تدعيني أنعم بالنوم وكوني صبورة حتى أستطيع التأقلم مع الوضع الجديد.
- وأخيرًا أنا كيان مستقل وأختلف عن غيري فأرجوك لا تحاولي مقارنتي مع الأطفال الآخرين.
كنّ بأمان،
د. خولة حياصات