كل يوم نستيقظ من نومنا على نفس الجهة من السرير.. نتفقد هاتفنا.. نغسل وجهنا وأسناننا.. نحضر قهوتنا.. نيقظ أطفالنا نتناول فطورنا ونخرج للمدرسة والعمل.. ونعيد النمط نفسه يومًا تلو الآخر دون أن نلحظ ذلك. ما هي الأنماط الأخرى التي تمضي دون أن نلحظها في حياتنا؟
زرع أهلنا الكثير من الأنماط فينا خلال تربيتنا، اُدرس واجتهد، احصل على وظيفة جيدة، اعمل بجد، لا تسائل ولا تعترض. جدي زوجًا جيدًا. أنجبي أولادًا وبناتًا وستجدين السعادة.. هذه بعض الرسائل التي وجهها لنا مربونا بشكل واعٍ لكن ماذا عن كل الرسائل والأنماط غير الواعية؟
من الطبيعي أن أصرخ على أطفالي ليُنفذوا ما أريد. أن أُفرغ غضبي عليهم عندما أشعر بالإرهاق والتوتر. أن أُدخن السجائر حولهم. أن أتابع أي برنامج على التلفاز بحضورهم. هذه كلها أنماط اعتدنا عليها دون وعي منا أو من مربينا. أنماط عشناها ولا يحتاج دماغنا للتفكير بها لأنها أصبحت عادة تلقائية في الجزء اللاواعي من دماغنا.
هل ترى كم من السهل أن تعلق في أنماط هدّامة؟ لكن كيف تصبح أكثر وعيًا في تعاملك مع أطفالك وفي جميع نواحي حياتك؟
الحل يتكون من شقين:
الأول إدراك النمط السيء وأصل اعتيادك عليه. لماذا تعتقد أنه من الطبيعي أن تضرب طفلك؟ لماذا تمنع طفلك من أمر وتحثه على الآخر؟ ما هو الدافع وهل هناك سبب منطقي وعقلاني لتوقعاتك منهم؟ حتى في أبسط الأمور كعدم سماحك له بالقفز على السرير أو إجباره على إنهاء كل ما تضع له من الطعام في صحنه اسأل نفسك لماذا؟ لماذا لا تجلس لتلعب معهم وتمازحهم؟ ستجد الجواب في ماضيك وما اعتدت عليه في سنوات حياتك.
بعد أن أدركت كيف وصلت إلى هنا تحتاج لمعرفة أين ستتجه.
الشق الثاني هو كسر النمط واستبداله .إن كسر أنماط عاشت معك ٢٠ و ٣٠ عاما ليس بالأمر السهل لكننا كائنات تتميز بالعقل القادر على التطور. قف عند كل قرار أخبرت أطفالك به وكل قاعدة وضعتها لهم وأيقظ عقلك لتقرر بشكل واعٍ.
سأضرب لكم أبسط الأمثلة هنا. أنا والكثير غيري من الأمهات والأباء يُصمم على أن يُسلم أطفالنا على الجميع حتى الغرباء الذين التقوا بهم لتوهم. اعتدت من صغري على أنه من باب الاحترام أن أصافح أو أضم أو أُقبل الضيوف والأصدقاء والمعارف. وجدت نفسي أحث أطفالي على فعل نفس الشيء كلما التقينا بالناس. كان أحد أطفالي يرفض ويسبب لي الاحراج والضيق. سألت نفسي لماذا أطلب منه هذا الأمر؟ ما الذي سيتعلمه من قراري؟ كيف سيؤثر هذا القرار عليه بعد ٢٠ عاما من الآن؟ لم أجد جوابا مقنعا في نفسي . لكن مالقرار الصحيح؟
إن كل ما أريده هو أن يُظهر طفلي الاحترام والكياسة عند الالتقاء بالناس. لكن جسمه هو له وحده وليس من حقي أن أجبره على معانقة أو تقبيل أي أحد وهذا سبب رفضه منذ البداية. أخبرته بأنه من قلة الاحترام أن نتجاهل الناس الذين نلتقي بهم وأن له حرية الاختيار بأن يلقي التحية بالإشارة بيده أو المصافحة فقط أو العناق أو التقبيل اذا كان مرتاحا لفعل ذلك. وبدأت أطبق الأمر على معظم الأمور في بيتنا.
إن كل ما أريده هو أن يُظهر طفلي الاحترام والكياسة عند الالتقاء بالناس. لكن جسمه هو له وحده وليس من حقي أن أجبره على معانقة أو تقبيل أي أحد وهذا سبب رفضه منذ البداية. أخبرته بأنه من قلة الاحترام أن نتجاهل الناس الذين نلتقي بهم وأن له حرية الاختيار بأن يلقي التحية بالإشارة بيده أو المصافحة فقط أو العناق أو التقبيل اذا كان مرتاحا لفعل ذلك. وبدأت أطبق الأمر على معظم الأمور في بيتنا.
بالنسبة لي قد يكون من أصعب ما أواجه كل يوم أن أقف وأوقظ عقلي من نمط اعتاد عليه لأبحث عن الأمر الصحيح لفعله. لكني متأكدة من أمر واحد أنني لا أكرر نفس الأنماط في اللاوعي عند أطفالي وأنني أعمل لأكون مثالا لهم في اختيار الصحيح من الخاطىء في حياتهم.
مع الحب
لانا أبوحميدان
مع الحب
لانا أبوحميدان