يمرّ بعض الأطفال بمرحلة من العدوانيّة و التمرد على القوانين و المقاومة الدائمة، و بلا شك تدفع هذه المرحلة الأهل لحدود صبرهم و تسامحهم، فرؤية طفلك الذي عادة ما يكون سعيداً، لطيفاً و يهتمّ لغيره ينفجر غضباً فيصرخ أو يضرب، يرمي بالأغراض عليك أو على من حوله، يسبّب لك الإرباك و الحيرة و قد يدفعك لفقد أعصابك انت أيضاً.. لكن هناك أمور علينا تذكّرها لمساعدة أطفالنا على اجتياز هذه المرحلة:
طفلك لم يطور القدرة على التحكم في نفسه بعد
يحتاج الاطفال مدّة زمنية لاكتمال نمو الجزء المسوؤل في دماغهم (pre-frontal cortex) عن التحكم بأنفسهم، انفعالاتهم و ردّات فعلهم ,فقبل عمر الست سنوات، غالباً ما تكون ردات الفعل العدوانية لا إرادية و غير مقصودة.. و تزداد حدّتها في الأوقات الانتقالية في حياة الطفل ، كولادة طفل جديد، الذهاب للمدرسة، الانتقال لبيت جديد أو الخلافات العائلية و نقص الاستقرار.
طفلك قد يحمل تراكماً من المشاعر السلبيه و لا يستطيع التعامل معها
ان تراكم كميّة من المشاعر السيئة و الخوف منها و عدم مقدرة الاطفال على التعبير عنها هو السبب الكامن خلف التصرفات العدوانية و الرغبة في التخريب و التدمير، و قد ينهار الطفل فجأة و يبدأ بالبكاء و الصراخ والتصرف بعدوانيه لأقل سبب، لذا من الضروري ان نحافظ نحن على هدوؤنا و نساعدهم على رمي حملهم الثقيل من هذه المشاعر فهو إما ان يتخلص منها أو يعكسها بتصرفاته.
طفلك يحتاج لان يتأكّد من حدوده
يشعر الأطفال بالخوف عند شعورهم بأن تصرفاتهم ليس لها حد و أنك تخشى ردّات فعلهم أو بكاءهم وغضبهم.. لماذا؟ لأن هذا يشعرهم بأن تصرّفاتهم هي سيدة الموقف و ليس الحدود التي تضعها أنت و بالتالي يُفقِدهم الثقة بأنهم سيكونون بأمان.. فهم يحتاجون منك تقَبُّل مشاعرهم السيّئة كالحزن و الغضب كالجيّدة تماماً، و لكن يحتاجون منك ايضاً أن توقفهم و تمنعهم من إيذاء أنفسهم أو غيرهم بلطف و حنان و احترام.
انتبه لنفسك عندما تغضب
أحياناً عند غضبنا من تصرفات أولادنا نشعر بالارتياح اذا ما صرخنا أو قمنا بضربهم، لكن المشكلة أنّ هذا النوع من التنفيس عن الغضب إدماني و لا يتوقّف عند مرة أو مرتين، و الأهم من ذلك انك لا تستطيع لوم أولادك لأنهم اختاروا أن يتصرفوا مثلك..ستحتاج لكثيرٍ من الإرادة و المحاولة و هدوء الأعصاب لتدريب نفسك أولاً و عندما تنجح فأنت قد ساعدت نفسك و أطفالك..
كيف تضع الحد لهذه التصرفات
-في المرة القادمة التي يبدي طفلك تصرّفاً عدوانيّاً، هيّأ نفسك لمساعدته و أوقف نفسك من التذمر و إصدار الأوامر له بالتوقف ، لأنّه غير قادر على إيقاف نفسه لمجرّد أنّك تطلب منه ذلك...أوقف نوبة الغضب هذه بلمسه و ضمه بحنان ، أوقف يديه إذا كان يضرب بلطف أيضاً و كن هادئاً و متعاطفاً، دعه يبكي و يصرخ كما يشاء لكنك لن تتركه يضرب أو يكسر شيء أو يخرب..نعم قد يكون هذا تغيراً جذريا لطريقة تعاملك مع هذه المواقف و لكنه يعطيك القوة و قدرة التحكم في الموقف.
-ذكّره بالحدود، بأكبر قدر من اللطف، مثلاً تستطيع أن تقول له "من الطبيعي ان تشعر برغبة في الضرب عندما تغضب و لكني أعرف انك تعلم جيّداً أن الضرب ممنوع، أريد ان أساعدك عندما تشعر بهذا الغضب". ليس تذكيرك له هنا بأن الضرب ممنوع هو ما سيوقفه فهو يعرف أنّه ممنوع و إنما إظهارك لتفهّمك السبب خلف تصرفه هو ما سيشعره بالأمان و يساعده ..
-يمكنك ان تساعده للمرات القادمة أيضاً بأن تشرح له بأنك ستساعده على التخلّص من شعوره السيء، تحدّث معه عن المشاعر "في جسمه" فهذا يساعده على تميزها و تسميتها مع الوقت..
- اقترح عليه بدائل مناسبة للتنفيس عن غضبه، كأن تعرض عليه ورقة ليمزقها أو قلم ليرسم ما يشعر، الضرب بقدمه على الأرض
- عندما يهدأ و يعود لحالته الطبيعيّة أقضِ معه بعض الوقت في المزاح و اللعب و الضحك، و ابتعد تماماً عن اللوم أو إشعاره بالخزي باستخدام كلمات مثل "عيب " أو أنّه سبب لك خيبة أمل أو حزن لغيرك.
لو تعامل كل منّا مع تصرفات أطفاله العدوانيه بحساسيّه كما نتعامل مع مرضهم مثلاً، لعشنا في مجتمع لا يشكل فيه عدم الاستقرار العاطفي مشكلة لكل عائلة..
مع الحب
لانا أبو حميدان
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق