الأحد، 18 يناير 2015

خلافات الأخوة المستمرة، هل هي ضرورة و لا يُمكن تجنبها؟


بعد مقالتنا الأخيرة عن نزاعات الأخوة و كيف يُمكننا الحد منها، لمسنا حاجة الأهل الماسّة لطرقٌ أكثر و حلول عمليّة لجعل علاقة الاخوان ببعضهم أكثر سلاماً، و خاصة إن تطوّرت الخلافات لدرجة الأذى النفسي أو الجسدي أو استمرت مع الإخوان الأكبر عُمراً..هناك أبعاد مختلفة للمشكلة سنحاول تغطيتها لكم في هذا المقال.

لماذا تحصل الخلافات؟
في كل بيت هناك أسبابٌ لا تحصى لبدء الشجار بين الأخوة ، فيختلفون على ملكية الأغراض و الألعاب، أو خصوصيتهم في البيت ..

هناك أحيان يفتعل فيها الاخوة الشجار لحاجتهم للفت انتباه و تعاطف أحد الوالدين لإشباع حاجتهم للحب، أو لأن أحدهم غاضبٌ من نفسه و يشعر بالسوء و بحاجة للتنفيس عن مشاعره..

لأن المعلمة عنفته في المدرسة أو لأنه تشاجر مع أحد أصدقائه و لكنه لا يستطع ضربه فيضرب أخاه الأصغر..

لرغبتهم برؤية ردّات فعلنا مراراً اذا كنّا نبالغ فيها عند شجارهم.

 أو ببساطة لأنّهم ليس لديهم شيء أفضل لفعله سوياً فيبدأون بإزعاج بعضهم..مهما اختلفت الأسباب فهناك دوافع خلفها من المهم إيجادها و الانتباه لها.

لماذا ما نفعله نحن عادة يزيد الأمر سوءاً؟
عادةً عندما يتشاجر أطفالنا نتوجّه إليهم مُسرعين في محاولة لفض الخلاف و تحقيق العدالة، فنقول أول ما يخطُر في بالنا كأن نطلُب منهم التوقف، نأخذ ما تشاجروا عليه أو نحاول اقناعهم بالتعامل بلطف و غيرها..

هذه الطرق تزيد من انزعاج الاخوان من بعضهم و تزيد من حدة و تكرار الخلافات، اليكم المثال التالي:

أخذ طفلك الأكبر صندوق من السكك و القطارات و بدء بتركيبه.. و بعد لحظات التفت اليه أخوه الأصغر و أراد أن يُشارك في اللعب أيضاً..فيبدأ الشجار..

- إن تدخلت أنت و طلبت منهم التوقف عن الشجار، لن يتوقف أيٌ منهما لأن ذلك يعني استسلامه و حصول الآخر على اللعبة.
- إن بدأت بالتحقيق في من بدء بالشجار و أزعج الآخر ستنتهي بالطرفين يشتكيان من بعضهما كلٌ يُدافع عن حقه.

- إن بدأت بإظهار غضبك و يأسِك من شجارِهم، ستدفعهم للشعور بالذنب اتجاهك و إتجاه أنفسهم.

- إن حاولت اقناع الأخ الأكبر بالتنازل لأنّه الأكبر سيشعر بالظلم، أمّا الأخ الأصغر فقد نجح في استغلالك و الحصول على ما يريد.

- إن أجبرت الأخ الأكبر على التشارك مع أخيه الأصغر ضد ارادته لن تكون عادلاً بحقه فهو يرغب في اللعب لوحده الآن، و هذا سبب كافٍ لبغض أخيه.

- إن أخذت اللعبة من كلاهما و فضضت الأمر سيشعر الأخ الأكبر بالسوء اتجاه أخيه الأصغر فهو السبب في إفساد متعته دائماً أما الأصغر فأنت تمنحه القدرة على ذلك.

إذن ماذا تفعل غير ذلك؟!!؟

كيف تتدخّل لتصبح أقل تدُخلاً؟

إذاحاولنا في كل مرّة التدخل و ايجاد الحلول لشجار أطفالنا فنحن نحرمهم من فرصة تعلُّم حل مشاكلهم و الانسجام معاً.. و هذا يعني أنّك ستكون الحكم طوال اليوم.. من مِنّا يُريد ذلك؟ بالطبع ستحتاج للتدخل أحياناً إن احتدّت المشكلة أو وصلت للضرب أو الأذى ، اليكم أفضل الاستراتيجيات التي تساعد أطفالكم تدريجيا على التأقلم مع بعضهم و حل نزاعاتهم..
أ- الخلافات الكلامية البسيطة
من الأفضل لك أن تتجاهلها و أن تُخبِر نفسك بأن أطفالك يتعلَمون حل المشاكل.

ب- إن إحتدّ الشجار
ستحتاج للتدخل لتوجيههم لحل الخلاف و ليس حلّه لهم ، كالتالي:

١- عند حدوث الشجار، أظهر تفَهُمك لمشاعر و غضب كلٍّ من أطفالك فهذا لوحده قد يكون كفيلاً بتهدئتهم. فمثلاً في المثال السابق إبدء ب "آه أرى أن كلاكما غاضبٌ من الآخر".

٢- اسمع جيّداً من كِلا الطرفين ما حصل ثم أعِدْه عليهم، للأخ الأكبر: " إذن كانت فكرتك أنت أن تبني السكك و أردت أن تلعب لوحدك"، و للأخ الأصغر : " و أنت عندما رأيت أخاك يلعب بها أردت اللعب أيضاً".

٣- صِف المُشكلة و أظهِر احترامك لصعوبتها بالنسبة لأطفالك "اه،الموقف صعب هنا، لدينا طفلان يُريد كلاهما نفس اللعبة.."

٤- أظهِر لأطفالك ثِقتك في قُدرتهم على التوصل لحلٍ للمشكلة "أنا أثق بِأنكما إن فكرتُما معاً ستصلان لِحلٍ عادل لكليكما".

٥- غادر الغُرفة لتُعطي لكلٍ منهما مجالاً للتصرف على طبيعته دون محاولة استعطافك أو كسب جانبك ،" سأقرأ الجريدة ريثما تحلّان المشكلة".

من الممكن في البداية أن لا يتوصل أطفالك لحلول و يعود الشجار من جديد، عندها يمكنك أن تقترح حلاً أو إثنين..

إن لم ينجح أيٌ من هذا، قم أنت بحسم الأمر، مثلاً " سأقرر أنا ما سنفعل و قد لا يُعجب أحدكم الحل، يُمكنك أنت اللعب بالسكك الآن ( للأخ الأكبر)، و أنت سترافقني خارج الغرفة (للأخ الأصغر) لكن في المساء نحتاج لأن نجلس و نضع قوانين لما يجب أن نفعل عندما يريد أحدٌ استخدام ما يستعمله شخصٌ آخر في البيت".
  
ج- في حالة تطوّر المشكلة لدرجة إيذاء أحدِهم للأخر كالضرب مثلاً، تدخل لايقافهما.

١- صف ما تراه يحدث أمامك، " أرى طفلين غاضبين لدرجة أنهما على و شك أذية بعضهما"، فأنت بهذا تُساعد أطفالك على الانتباه و الوعي لما يحدُث و تُهدّّأ من اندفاعهما.

٢- ضع حداً لهم أو ذكرهم بحدودهم فالتعدّي بالكلام أو الأفعال ليس مسموحاً لأي أحد في البيت، " هذا الوضع أصبح خطيراً و لن أسمح لأحد بأذية الآخر، نحتاج لوقتٍ لنهدأ".

٣- إفصل بينهما و أطلب من كليهما الذهاب لغرفة أخرى ليهدأ. 

قد تبدو لك هذه الحلول مع القراءة الأولى نظرية و غير قابلة للتطبيق.. لكنها في الحقيقة تغيّر علاقات أبناءك مع بعضهم بطريقة جذرية، و ما يتوقّعوه منك عند شجارهم، لذا فأنت تحتاج للصبر و تدريب نفسك على هذه اللغة الجديدة.

مع الحب
لانا أبو حميدان

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق