وردنا الكثير من أسئلة المتابعين يشكو فيها الأهل من صعوبة التعامل مع طفلهم ..فالطفل دائم الاعتراض، الصراخ و البكاء، يرفض الاستماع و يرد ب "لا" على كل طلب، يرمي بالأشياء في كل اتجاه، يضرب إخوانه و أصدقائه و أحياناً أهله ..و هذا يدفع الأهل للجنون و يُفقِدهُم صَبرهم..فصراع القوة هذا في أي بيت سيجعل منه مكاناً لا يُحتَمل للأهل أو للأطفال.. هنا يحتاج طفلك ليعرف بلا أي شك أنك أنت القائد.. قد يبدو الأمر واضحاً لكن عمليّاً و على أرض الواقع الأمر ليس بهذه السهولة..
لذا سنقدم لكم اليوم المبادئ الأساسية التي تُساعدكم على قيادة أطفالكم و بيتكم دون نزاع أو تقليل إحترامكم لأطفالكم ..
أحياناً لا ينجح الأهل في رسم حدود واضحة و قيادة أطفالهم في البيت بلطف و احترام إما لخوفهم من تكرار قسوة و تسلط أهلهِم من قبلِهم أو لعدم معرفتهم بالطُرُق و الأساليب الأفضل لفِعل ذلك..لكن عندما يفشل الأهل في وضع هذه الحدود المنطقية و الثبات عليها و السيطرة على الأمور في البيت فلا يبقى للأطفال خيار سوى الخروج عن السيطرة.. فهنا لا يمكننا لوم أطفالنا أو الشكوى منهم في نهاية الأمر ما سيكون عليه أطفالنا ما هو إلّا نتيجة لما عاشوه معنا..
قد لا تصدق هذا، و لكن طفلك لا يشعر بالارتياح أو الرضا عندما يتصرف بأيٍ من هذه التصرفات ، على العكس فهذا يُشعِرُه بالخوف و نقص الأمان كونه يدرك تماماً بأنه أصغر بكثير من التحكم في سير الأمور ، لكن هذه التصرفات تَصدُر من الجزء اللاوعي من عقله لذا يَصعُب علينا نحن أيضاً فهمها.. هذا الشعور بالخروج عن السيطرة لدى أطفالنا يؤدي للمزيد من الفوضى و الصراع لأن الأهل يبدأون بالتصرف بنفس الطريقة و يعجزون عن إخفاء أو كتم غضبهم، فيقفون في حيرة تنتهي بالصراخ ، العقاب، الضرب و غيرها من الطرق التي تزيد من الفجوة بيننا و بين أطفالنا فنشعر بالفشل .
كيف تبدأ لتخرج من هذه الدائرة و تحدّد دور كلٍ منكم في البيت؟
١- ضع لأطفالك حدوداً ، مبكراً ، بهدوء، بلطفٍ و حزم.
يحتاج أطفالك لمعرفة ما هو مقبول و غير مقبول من التصرفات مبكراً أي قبل حصول المواقف و البدء بالتصرف بطريقةٍ تُثير غضبك. فهذه القوانين إن كانت واضحة لأطفالك و ثابتة ستساعدك في حسم المواقف مع أطفالك و تقلّل شعورك بالعجز و الحاجة للعقاب.
مبكّراً
مثلاً إن كنت تستعد لإطعام طفلك الرضيع و وضعه للنوم عليك أن توضّح لطفلك الأكبر حدوده و ما تتوقعه منه قبل أن تبدأ، مثلاً "سأُطعِم أخاك الصغير و أضعه لينام الآن، سأكون مشغولة معه في النصف ساعة القادمة، إن كنت تحتاج لشيء يمكنني أن أساعدك الآن". ثم بعد أن تحضر له ما يريد ( كتاب، لعبة ، وجبة خفيفه..الخ) تعطيه خياراً، " يُمكنك أن تجلس معنا في الغرفة بهدوء دون أي صوت أو أن تذهب للعب في غرفتك" أو يمكنك أن تسأله "ماذا ستفعل في غرفتك ريثما أنتهي؟ " بكل هدوء و نبرة صوت لطيفة و مُحِبة.. لنفرض أن طفلك اختار أن يبقى في الغرفة معكم لكنه لم يستطع التحكّم في نفسه و البقاء هادئاً، ماذا ستفعل؟ ستستمر بفرض حدودك بهدوء و احترام "أنا أعرف كم من الصعب عليك أن تنتظر ( تتعاطف معه) ، لكنني بحاجة لمساعدتك، أريدك أن تذهب لغرفتك و تلعب قليلاً حتى أنتهي بسرعة و أتمكن من العودة لك" .
بالرغم من هذا رفض طفلك الاستماع و بدأ بالبكاء أو الضرب، ماذا تفعل؟ تُذكِره بحدوده من جديد فتوقف يده أو تُمسكه بلطف " لن أدعك تضرب فهذا يؤلِم، أرى أنك متضايقٌ جداً، يُمكنك أن تذهب لغرفتك و تضرب المخدات لكن لن أسمح لك بأن تضربني/ أخاك).
بحزم
- توقّع أن يستمر أطفالك بالتصرف بسلبية لفترة عندما تضع لهم الحدود لكن لا تجعل ذلك يُؤثّر عليك، فالصراخ و البكاء في البداية طريقتهم للتنفيس عن مشاعرهم السيئة، يُمكنك مساعدتهم بتفهُّم ذلك و التعاطف معهم ( أرى كم هو صعبٌ عليك أن تنتظرني لكني أعرف أنك تستطيع).
بهدوء
- إحرص على أن لا تنفعل أو على الأقل لا تُظهِر إنفعالك لطفلك و أن تُحافِظ على هدوءك بالرغم من انفجار طفلك أمامك، فبالنهاية سيتعلم أنك تعني ما تقول و أن أي من تصرفاته لا تَهُزُّك و سيتعاون معك.
بلطف
- تذكّر أن تُبدي لُطفك و حُبك لطفلِك كي لا يشعر بأنك تهاجِمه شخصياً و يشعر بالحاجة لعنادِك.
٢- أظهر تفَهُمك لوجهة نظر طفلك لكن لا تناقشها
عندما يُبدي طفلك اعتراضه على أمرٍ ما، أعلِمه بهدوء بأنك تتفهّم ذلك و السبب ورائه لكن لا تناقشه في رأيه، فمثلاً إن حاول طفلك فرض أمرٍ عليك باستخدام جملةٍ مثل" عليك أن تفعل كذا الآن" من الأفضل ألّا تعطي أهمية للطريقة التي يطلب فيها و إلا أعطيتها قوة، و لا تناقشه مثل "ليس علي ذلك" أو "أنت لا تقل لي ما علي أن أفعل"، جوابٌ قصيرٌ مثل " شكرًا على رأيك لكن هذا هو المخطط..." يفي بالغرض، بهذا أنت تسمع رأي طفلك لكنك تُعلِمه بأن القرار يعود في هذا الأمر لك.
٣- أعطي طِفلك الاهتمام و التقدير و المديح الذي يحتاجه
تذكّر كم من المهم لتعديل سلوك أطفالك أن تقضي معهم بعض الوقت يومياً، فعشرة دقائق مع كلٍ منهم لوحده تغيّر الكثير.. تذكّر أن تشكُرهم دائماً في لحظاتهم الجيدة و تقدِّر أصغر و أقل تحسنٍ في تصرفاتهم عندما يتعاونون و يستمعون لك.. طمئنهم دائماً بأنك موجودٌ لمساعدتهم و أنك ستؤَمّن لهم حاجاتِهم و لو بتوقيت مختلف عمّا يتمنون.
٤- أُطلب مساعدة طفلك
لتساعد طفلك لاشباع حاجته الطبيعية للاستقلال و تقلّل من حاجته لك في كل أمرٍ من أمور يومه والأهم من هذا لتُشعِره بأنه جُزء مهم من العائلة و له دوره أُطلب مساعدته في أي أمرٍ يُمكنه المساعدة فيه، يساعدك في رعاية إخوانه، في المنزل أو في أمورك الشخصيّة. فشعوره بالمسؤولية نحو بيته و أُسرته يزيد ثقته بنفسه و يُساعِدك في فرض حدودك و يخفّف عنك أعباء و مسؤوليات بيتك.
مع الحب
لانا أبو حميدان
لانا أبو حميدان
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق