الثلاثاء، 2 يونيو 2015

كيف تحُد من تأثير الأصدقاء السلبي على أطفالِك


جميعنا يعرف أن اختلاط أطفالِنا مع أطفالٍ آخرين، من الأقارِب، في الحضانة و المدرسة أو في أماكن اللعِب له تأثيرٌ مُهِمٌ على تصرُفاتِهِم، لكن ماذا نفعل عندما يُقلّد أطفالُنا تصرُفات غيرهِم السيّئة؟ إن الجواب دائماً هو العلاقة القوية التي تبنيها مع طِفلِك.. 

عندما تبني علاقتك مع طِفلِك على أساس الاحترام و الثقة و الحب غير المشروط فإنك تملِك سلاحاً قوياً لتحمي طِفلك من التأثيرات السيئة من حوله.

بالرغم من هذا فان علينا أن نُدرِك جيداً أن جميع من يُحيط بأطفالِنا من أقارِب ، أطفال، مُعلمين و غيره يُساهِم في بناء شخصيتهِم و تجارُبِهِم في الحياة.. و نحن لنا الدور الأول و الأهم في انتقاء هذه المؤثرات ، تشجيعها أو إبعادها.. و تأكَّد من أن طِفلَك سيُجرِّب أن يُقلِّد ما يراه من تصرفات غيره ، لكن بِمُساعدتك و مُتابعتِك و تعامُلِك مع الأمر بطريقة ايجابيّة فان طِفلُك سيتعلَّم حُدوده و سيتعلّم أيضاً كيف يضع الحُدود لنفسه ليُقاوِم تأثير أصدقاء السوء عليه عندما يكبر..

إليكم بعض الأمثلة العمليّة :

الموقِف الأول:
تتفاجِئ في طِفلِك ذو الثلاث سنوات يتلفظ بكلمةٍ سيئة ، و عندما تسأله أين قد سمِعها، يخبِرُك بأن طِفلاً في حضانته يستخدِمُها..
خلف التصرُّف:
التقليد، الأطفال يتعلمون بالمثال،  فهُم يُقلِدون ما يَرون و الأغلب أن استخدام الطِفل للكلمة السيئة في المدرسة  قد أثار ردة فِعلٍ من المُعلِّمة و سيُحاول طِفلُك تكرارها عِدّة مرَّات ليرى إن كان سيُثير نفس ردة الفِعل.

كيف تتصرَّف:
- ذكِّر طِفلك بحدوده. " أنا لا تُعجِبُني هذه الكلمة، لا تُرددها مرةً أُخرى من فضلِك" ، تذكِّر أن تُعلِمه ذلك ببرود و دون انفعال حتى لا تدفعه لِتكرارها فقط ليرى إنفعالك أو ليجذِب انتباهك..

إن كررها في نفس اللحظة فهو لا زال يُجرِّب و يختبِر حُدوده لذا تجاهل تماماً ذلِك و حوِّل انتباهه لِأمر آخر كلُعبة أو نشاط.
على الأغلب أن طِفلَك سينسى الكلِمة إن لم تُعطِي الأمر أهميَّة، فما تُعطيه أهمية و تجعل منه أمراً كبيراً هو ما سيتذكره طِفلٌك..

الموقِّف الثاني :
أنت لا تسمح لِطِفلِك ذو ال ٦ سنوات بأن يلعب ألعاب فيديو عنيفة، لكن صديقه المُفضَّل يلعبها باستمرار، بدأ طِفلُك يتظاهر بإطلاق الرصاص أو استخدام الأسلحة عندما يلعب في البيت أو مع غيره، و عندما تسأله يُجيبك بأنه يلعب هكذا مع أصدقائه في المدرسة.. يطلُب منك شراء هذه الألعاب له و مرةً أثناء لعِبه بِعُنف في المنزل وجّه ضربةً لأخيه الصغير فانفجر في البُكاء.

خلف التصرُّف:
التطبُّع. فحتى سن ال ٩ سنوات تقريباً ، لا يتمكن عقل الطِفل من تمييز جميع التصرُفات بكفائة، و ما يمُر به من تجارُب تكون مقبُولة تلقائياً بالنسبة له دون مُساءلة..

إن برامج الأطفال و الألعاب الإلكترونية التي تدور حول القتال و الحروب تُلغي حساسية أطفالِنا للعُنف و تجعل تصرُفاتِهِم تميل للعُدوانيّة..

بالنسبة لِطفلِك، إن الجُزء المسؤول في دماغه عن التخطيط و توقع النتائج في المُستقبل و الصبرلرؤية النتائج الجيدة لقراراته لن يكتمِل تطوره قبل حوالي العشرين من العُمر.. و البعض أيضاً لا يتمكن من تطوير هذه المهارات نهائياً .. لذا فإن طِفلك يواجِه موقِفاً صعباً و لن يسهُل عليه فهم سبب منعك له.

كيف تتصرَّف:
- كُن حازِماً في تحديد حاجتِك: في كثير من الأحيان لا يُدرِك أطفالُنا بأنفُسِهِم مدى تأثير تصرُفهِم على من حولِهم، لِذا ان لفت نظر طِفلك للأمر بطريقةٍ لا تجعله في حالة دِفاعٍ عن موقِفه، فانك ستُساعِده على تغيير تصرُّفه..

تستطيع فِعل ذلك ب:
١- تصِف حقيقة ما تراه من تصرّف طِفلِك دون أن تصِف هو ذاته.
٢- التأثير الذي يُسببه هذا التصرُّف.
٣- شُعورك أنت اتجاه هذا التصرُّف.

" عندما تلعبُ بهذه الطريقة فأنت تتصرَّف بطريقةٍ عُدوانية ( وصف التصرُّف) ، و من الممكن أن أن تُسبب أذىً كبيراً لأي أحدٍ حولك( اعلامه بأثر تصرفه) ، و أن أشعر بالقلق لذلك ( شُعورك اتجاه التصرُّف).” احذر من أن تُبدي أحكاماً أو تُهاجِم طِفلك شخصياً لأن هذا سيجعله يُقاوِم ، مثلاً " إنك عُدوانيٌ جِداً" أو هذه ألعابٌ فظيعة و سيئة جِداً"

- ان لم يُجدي هذا الحل بعد فترة، يُمكِنُك أن تقوم بالنقاش لِحل الموقِف مع طِفلِك حيث تُركِّز فيه فقط على حاجتِك و حاجته و ليس على فرض الحلول و القوانين من عِندك، فطِفلُك سيُبدي تعاوناً و التزاماً أكبر عندما يشعُر بِقُدرته على حل المُشكِلة و اتخاذ القرار..

مثلاً " من المُهِم لي أن يكون البيت مكاناً آمِناً لنا جميعاً" (حاجتُك ) و ليس " لا أريدك أن تلعب هذه الألعاب"( حلُّك)

بالنسبة لِطِفلِك فان حاجته هي الانخراط مع من حوله و مُجاراة أصدقائه و باعتقاده فإن الحل هو لعِب هذه الألعاب معهُم لِذا استمع له و حاولِوا كتابة جميع الحلول الممكنة من كليكُما، ناقِشوها ثُم استثنوا تلك التي لا تخدِم حاجة كليكُما في نفس الوقت حتى تصلوا لِحلٍ مُشترك.. 

- التزموا بالحل لِفترة، إن لم ينجح و لم يُساعِد طِفلك على التوقُّف أعلِمه بذلك و بِحاجتِكُم لإيجاد حل جديد..من المُهِم أن يثِق بك طِفلُك و يشعُر أنك في صفِّه.. منعه من التكلُّم مع أصدقائه أو اللعِب معهُم سيزيد من مُقاومته و بالنهايّة فأنت لست معه في جميع الأوقات لِمُراقبته، و لا يُمكِنُك دوماً تغيير البيئة حتى تٌعجِبُك أنت لِطِفلِك.. لذا فإن أفضل الحلول هي النابعة منه و باقتناعه.

- لا تنسى أن تذكُر لِطِفلِك دائِماً أنك تثِق في قُدرتِه على الحُكم على الأمور و اتخاذ القرار الصائب و أنك موجود دائماً ان احتاج النصيحة..

في النهاية علينا أن نتذكَّر أنه و مع كُل عامٍ جديد من عُمر أطفالِنا فإن تحكُّمنا في بيئتهِم يقِّل..و مُعاملتهُم بِلُطفٍ دائماً و اشراكهُم في حل مشاكِلِهِم مُنذ الصِغر هو ما سيُساعِدهم حقاً في حياتِهِم اللاحقة و في بناء علاقاتٍ صحيَّة و سليمة مع من حولهم. 

مع الحُب
لانا أبو حميدان 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق