على الأغلب أنّك قد لاحظت بعض سمات شخصيّة طفلك منذ أيّامه الأولى، كمحاولاته المستمرّة للوصول إلى خشخيشته، أو تضايقه من الأصوات المرتفعة. إلّا أن شخصيّة طفلك لن تظهر بوضوح، حتى الفترة العمريّة ما بين 3-5 سنوات.
ما هي أنواع التغيّرات التي يمكنك توقّع حدوثها في سن الحضانة (ما قبل المدرسة)، و كيف يمكنك كأم أو أب أن تساعد في تبلور شخصيّة طفلك؟ أو حتى هل يجب عليك التدخّل لتطوير شخصيّة طفلك؟
التعبير عن و التحكم ب(الذات)
يقول ديتر ديكارد: "ما بين الأعمار 3-5 سنوات ستلاحظ أن طفلك يصبح أكثر قدرةً و راحة في التعبير عن نفسه". ديتر هو بروفيسور علم نفس في جامعة فيرجينيا بوليتكنيك
في خلال هذه السنوات، يبدأ الأطفال في مرحلة الحضانة (ما قبل المدرسة) بتطوير قدرتهم على التحكّم بالذات. في هذه المرحلة سيبدأ أطفالك بتقليل اعتمادهم عليك لتهدئئتهم و الاعتماد أكثر و أكثر على أنفسهم في فعل ذلك. في هذه المرحلة يبدأون بالتعلّم كيف يمكنهم تهدئة أنفسهم عندما يشعرون بالإثارة، الخوف أو الغضب، كما سيصبحون أكثر انتباهً و أكثر تحكّماً بردود أفعالهم.
كما أن هؤلاء الأطفال في هذه المرحلة يبدأون بتكوين فهمهم لنفسهم و تطوير ثقتهم بأنفسهم. كما يكتسبون من خلال المحاولة و التجربة الخبرة في التعامل مع الآخرين.
عند بلوغهم سن الخامسة، يصبح الأطفال أكثر قدرة على التعاطف مع الأم و الأب. كما سيتوصّلون لفهم فكرة أن للوالدين حاجاتهم و رغباتهم الخاصة. كما يبدأون بإظهار مشاعرهم بسهولة أكثر و يبدأون بتطوير عالم خيالي خاص بهم. في هذا العمر يتذبذب الأطفال ما بين كونهم متطلّبين و متعاونين.
الطرق التي يمكنك من خلالها مساعدة طفلك على تطوير شخصيّته بطريقة سليمة
على الرغم من أن شخصيّة طفلك ستبدأ بالنمو والتطوّر طبيعياً، ما زال هناك الكثير لتفعله كأم أو أب للمساعدة أو تفادي بعض الأخطاء.
1- تذكّر أن طفلك فريد من نوعه و مختلف: الأطفال يختلفون منذ البداية في شخصيّاتهم، حتى إن كانوا إخوة. أهم ما يجب تذكّره أن تنمية شخصيّة سليم لطفلك تعتمد على أمومة/أبوّة حساسة تجاه و متفاعلة مع نقاط القوّة والحاجات في شخصيّة طفلك.
2- شجّع اللعب: اللعب له تأثير كبير في تطوير شخصيّة طفلك، إعطاء أطفالك الوقت الكافي للّعب هو المفتاح لمساعدتهم على بلورة شخصيّتهم. اللعب يحفّز الطفل ليتطوّر جسدياً، عقليّاً و عاطفيّاً، يتعلّم من خلاله العمل في جماعات و حل النزاعات. كما يساعده تقمّص شخصيات مختلفة أثناء اللعب على تطوير خياله و التدرّب على اتخاذ القرارات، الدفاع عن نفسه و أفكاره، البحث و الاستكشاف و كيفيّة قيادة الموقف.
3- تجنّب الألقاب: إن أهم ما يجب عليك أن تنتبه إليه أن تساعد شخصيّة طفلك على التبلور دون أن تكون آراءك أو آراء الآخرين عنه هي الحافز أو العامل المشكّل لها، لذا تجنّب ألقاب كخجول، متأمّر، عصبي أو عنيد.
4- كن القدوة: أنت الشخص الذي يراه طفلك معظم الوقت و يقلّده في معظم الأحيان. لذا الأمر منوط بك لتظهر له أفضل الطرق للتصرّف بأدب ، المشاركة ، الصبر و غيرها الكثير من خلال تصرّفاتك أنت تجاهه و تجاه الآخرين.
5- أدرك أن شخصيّته هي نتيجة خليط من الجينات و التربية (الطبع و التطبّع): لا تعزي تصرّفات ابنك لطبعه فقط أو لتربيتك فقط. لكل جانب أهميّته، و هذان الجانبان مجتمِعان هما السبب الأساسي للشخصيّات المتنوّعة في المجتمع.
6- أعط طفلك الفرصة ليكون نفسه و ليس نسخة عنك: قد تكون أنت انسان اجتماعي، منضبط، هادئ أو حتى خجول. و قد تشعر في بعض الأحيان أنّك تريد أن يكون طفلك كذلك. إلاّ أن عليك أن تقاوم هذا الشعور و تساعد طفلك على اختبار العالم و عيش حياته بطريقته الخاصة.
هناك المزيد من الأشياء التي يمكنك أن تفعلها لتساعد في تطوير شخصيّة طفلك، كالقراءة له، و تحديد وقت التلفاز و التواصل مع الأجهزة الالكترونيّة مقابل اللعب التفاعلي معك و مع أقرانه من الأطفال.
كما يشجّع الخبراء على مراقبة اهتمامات طفلك، و العمل على دعمها إضافةً للبحث عن فرص لتوسيع مداركه، الطرق التي يمكنك دعم تطوير شخصيّة طفلك لا متناهية.
هل علينا تغيير شخصيّة أطفالنا في عمر ما قبل المدرسة؟
علينا أن نعطي المجال لأطفالنا ليكونوا ما هم عليه مع تقديم بعض التحدّيات أو الفرص لتجربة ما هو جديد أو ما يدفعهم لتحدّي حدود شخصيّتهم دون إجبار.كما يقترح ديتر ديكارد التالي:
- شخصيّة الطفل في مرحلة ما قبل المدرسة تكون مستقرّة إلى حد كبير إلّا أنها ليست ثابتة، الانسان يتغيّر و يتطوّر.
- من أفضل ما يمكنك فعله كأم/أب أن تدفعه لتجارب جديدة تساعده في تطوير جوانب مختلفة من شخصيّته.
- و أهم من كل ذلك "ابذل مجهودك لخلق بيئة محبّة و داعمة لطفلك، بدلاً من أن تحاول أن تجعله يتصرّف بطريقة معيّنة أو كشخص معيّن".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق