ما أن يُتقن أطفالنا المشي و الركض حتى نجد أنفسنا نُلاحِقهم في كُل مكان.. فهم عادة لديهم كم كبير من الطاقة و يُحبون الانطلاق في شتى الاتجاهات، المُشكلة في الأمر أنهم لا يستطيعون في هذا العمر الصغير ادراك الخطر في الابتعاد عنّا و الركض في الشارع أو في الأماكن المُكتظة، فالأمر بالنسبة لهم مُتعة لكنه مُتعِب و مُقلِق بالنسبة لنا ،حتى أننا قد نمتنع عن اصطحابهم لكثير من الأماكن.
الأمر طبيعي لكُل طِفل في بداية مشيه و لكن علينا هنا ادراك أمرَيْن مهمين :
١- علينا توفير المساحة و الحُريّة الكافيّة لأطفالنا للحركة و استغلال فرص التعلّم دائماً حتى خارج البيت، فإجبارهم على الجلوس أو تقيدهم في عرباتهم طوال الوقت ليس الخيار الأفضل و إن كان الأسهل.
٢- في نفس الوقت من الضروري تعليمُهُم أن هُناك الوقت و المكان المُناسب لتجولِّهِم و أن هُناك أوقاتٌ أُخرى لا يكون فيه الوضع آمناً أو الوقت كافي و عليهم ملازمتنا أو الجلوس في العربة أو المكان الذي نُحدده لهم.
لكن كيف نفعل ذلك بعقلانية و حُب؟
١- تأكد مِن أن تشرح لِطِفلك مهما صغُر عُمره و تُهيأه لِما هو قادِم
تكلَّم مع طِفلِك في كُل الفُرص و اشرح له الخطر في ابتعاده عنك، و أنك تحتاج دائماً لبقاءه على مسافة تُمكّنكما من رؤية بعضكما البعض.
٢- وفِّر له يوميا فُرصاً للركض و الحركة
من المُهِم جِداً أن تُخصص لِطِفلك وقتاً و مكاناً آمناً يستطيع فيه التجوُّل و الركض بحريّة و سيُفيدُك كثيراً فِعلٍ ذلك قبل خروجك معه لمكان حيث تُريد منه البقاء جالساً مثل قبل الذهاب للتسوق في السوبر ماركت مثلاً. تأكد من أن تُخبره أيضاً بأن هذا المكان آمن و مُناسب اذا أراد الركض وحده.
٣- ضع حداً و كُن حازِماً
قبل نُزولِكم من السيّارة أو عند وصولِكِم للسوق اشرح لِطِفلِك الموقف " نحن الآن في مكان كبير مُكتظ ، و أنا أخشى أن تضيع، أُريد أن أتأكد أنك بأمان " ثُمَّ أعطه خياراً ان كان يُفضٌِل المشي " هل تُحب أن تمشي و تُمسك بدي ( أو تبقى بجانبي) أم تجلس في عربتك؟ " اذا اختار صغيرك المشي معك هذا جيد لكن في اللحظة التي يبدأ فيها بالهرب أو الركض عليك حسم الأمر " سأضعك الآن في عربتك /سأحملك فأنت لست بأمان عندما تركض بعيداً عني، يُمكننا المُحاولة أكثر في المرّة القادمة".
بالطبع طِفلُك سيعترض و يصرخ لكن لا تدع هذا الأمر يُربِكك،فقط حافظ على هدوءك و لا تُبدي أي انفعالات حتى لا يجد طِفلُك الأمر لُعبة . فبعد عدة مرّات ستجد أن طفلك قد تحسّن في تذكُّر القانون و تقبُّله .
٤- عوِّد طِفلك على الإمساك بشيء ما غيرك أو غير يدك حتى يبقى بآمان دائماً
اعتاد أطفالي مثلاً على الإمساك بباب السيارة و عدم تركه أبداً عند نزولِهم ريثما أُنزِّل حاجياتهم و أستعد للمشي و قد ساعد هذا الأمر كثيراً في بقائهم بجواري و أنا مُنشغلة دون الحاجة الى القلق عليهم في مواقف السيارات. و أحياناً كان يرفض طفلي إمساك يدي أثناء قطع الشارع فعرضت عليه إمساك طرف عربة أُخته التي أدفعها بجانبه و أصبح يفعل ذلك باستمرار.
٥- احرص على المُواظبة
ان الاستمرار و المُواظبة على أي أمر هو السر في تعاون الأطفال و التزامهم، فلا تُغيِّر القوانين بتغيُّر المواقف و لا تجعل اعتراضهم أو بكائهم تهديداً لك، فبعد عدة مرات سيتعلم طِفلك الحد و ستكون الأمور أسهل. فمثلاً على أطفالي مسك يدي عند العبور في مواقف السيارات و قطع الشارع دائماً . و أُذكرهم بذلك في كلمة واحدة عند الحاجة" الأيدي" .
٦- استغل أوقات اللعب
هناك الكثير من الألعاب التي تُدِّرب طِفلك على الاستماع و التوقف كذلك عندما تطلب منه و تُبرمِجه لفعِل ذلك دون أن يشعُر مثلاً:
- لُعبة الإشارة الضؤيًّة: ابدأ بالمشي مع طِفلِك أو تظاهروا بأنكم سيارات و عليكم التوقف عندما تُنادي إشارة حمراء و مواصلة المشي عندما تُنادي إشارة خضراء.
- لُعبة حركة سكون: الحركة و الرقص عند سماع موسيقى و التوقف عند توقفها.
- تدرّب مع طِفلِك على المشي و إمساك الأيدي عندما تكونون في مكان آمن كالحديقة أو حتى في البيت و ذكِّره القيام بما تدربتم عليه عندما تكونون في الخارج.
و أخيراً تذكَّر أن بقاء طِفلِك مقيداً أو عدم الخروج به نهائياً في هذا العُمر الصغير يحرمه من تعلُّم التصرُّف بشكل صحيح و البقاء آمناً في الخارج و سينعكس الأمر عليه كُلما كبر أكثر.. فهذه مرحلة طبيعية من مراحِل تطورِّه و اذا قررنا تعليم أطفالِنا التصرُّف بشكل صحيح و تعاملنا معها بهدوء و دون انفعالات ستمُّر بِسُرعة و سُهولة.
مع الحُب
لانا أبو حميدان
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق