يبدأ أطفالُنا منذ أيامهم الأولى بمُحاولات لاستكشاف العالم من حولهم و الانفصال عنّا تدريجياً.. نحن بدورنا علينا تشجيعهُم و اعطائهم دفعة من الثقة و الشجاعة لفك ارتباطهم و تعلُّقهِّم بنا لكن و ككل أمور حياتهم فنحن بحاجةٍ للتوازن بين الابقاء على صلتنا بأطفالنا و بين دفعهِم للاستقلالية، فأنت بحاجة لاعطاء طِفلك مساحة ليُطوِّر مهاراته الاجتماعية و الجسدية و بنفس الوقت حمايته من المخاطر و من ايذاء نفسه و غيره..
الطِفل المُستقِّل طِفلٌ يستطيع الاعتناء بنفسه، يؤمِن بِقُدراته و يستطيع اتخاذ قرارت و اختيار نشاطات تُناسِبه و تُناسِب احتياجاته، لديه دافع داخلي للانجاز و لا يحتاج للمُكافآت الخارجية ليعمل و ينجح..
أمَّا الاستقلالية و الاعتماد على النفس صفات لا يُمكن لِطفلك تعلُّمها و تطويرها من تلقاء نفسه فهو لا يملك المعرفة و الخبرة و المهارات اللازمة لذلك.. و مُساعدتك له لاكتسابها هي هديّة قيمة تُقديمها لِطفلك لتبقى معه مدى الحياة.. اليك أهم ما سيُساعدك على ذلك..
١- لا تبخلي على طِفلك بالحُب و الاحترام
فهو كأي شخص بالغ و عاقل في حياتك له كرامته و شخصيته و طابعه المُختلف.
٢- شجعِّي الاستكشاف و اللعب المُستقِّل
يحتاج طِفلُك في بداية حياته الى الارتباط الوثيق بك ليشعر بالآمان الكافي لينطلق بعيداً عنك..عند حوالي عمر التسعة أشهر ، ابدأي بلعب ألعاب مع طِفلك تُعلِّمه بأنك موجودة و سيبقى بأمان و ان ابتعد عنك و لم يراك. فمثلاً اخفي وجهك خلف يدك أو اختفي وراء الكنبة و اظهري من جديد..
بعد سنته الأولى وفرِّي له مكاناً آمناً ليستكشف فيه بحرية وحده دون الحاجة لبقاءك بجانبه لتحذيره و تنبيهه.. العبي معه باستمرار ولكن وفرّي له وقتاً يومياً للعب المُستقل يتناسب و عُمره، مثلاً ١٠ دقائق للطفل ذو العام ضعي أمامه عدداً من الألعاب ليلعب وحده.. زيدي هذه المدة تدريجياً مع كل سنة قادمة..
احذري أيضاً كثرة التنبيهات و التحذيرات الا للحاجة و الضرورة، " احذر ستقع، انتبه لا تلمس هذا، ستؤذي نفسك "...بل قولي "أنا هُنا لِمُساعدتك ان احتجت" ، " ان تسلقت عالياً قد لا أستطيع مُساعدتك" .
٣-ثِقي في قُدرات طِفلك، و اتركيه يُخطأ و يتعلَّم
حتى ينجح وحده ولا يطلب مُساعدتك في كُل الأوقات، اذا بدأ طِفلُك بارتداء ملابسه وحده مثلاً شجعيه، سيرتديها بالعكس و يستغرق وقتاً طويلاً، لكِّنه سيُحاول و يتعلَّم حتى يُصبح قادِراً عَلى إتمام المُهمَّة بنفسه.
عندما يتعرَّض صغِيرُك لمواقف صعبة أو خلافات مع اخوته أو أصدقائه امنعي نفسك من الاندفاع و حل مشاكله أو حتى عرض أي حلول و نصائح.. استمعي له و تعاطفي مع شعوره و اسأليه " ماذا يُمكننا أن نفعل الآن؟ "و "ماذا يُمكنك أن تُغيِّر في المرّات القادمة لتتلافى حصول هذه المُشكلة؟" قد لا يعرف طِفلُك جواباً مُباشرةً و لكنه سيعلم أنه لديه القُدرة للاعتماد على نفسه و أنك تثقين بذلك.
٤-امنحي طِفلك القُدرة على السيطرة على حياته
في بعض النواحي طبعاً التي يستطيع فيها اتخاذ القرار
-اسأليه أسئلة باستمرار عن رأيه و خُططه للتصرُّف حيال المواقف التي تواجهونها بدلاً من اقحام أنفُسنا و إملاء ما يفعلون عليهم" آه أنت تود اللعِب مع هؤلاء الأطفال، ماذا يُمكنك أن تفعل لتُعرفهم بنفسك"
-اعرضي عليه خيارات كُلما أمكن ( خياران أو ثلاثة فقط) بدلاً من فرض كُل شيء عليه. " ماذا تُفضِّل أن ترتدي اليوم القميص الأبيض أو الأزرق؟" ،" هل تُفضل الاستحمام أو تناول الطعام أولاً".
- اسعي الى ارشادهم و تعليمهم ثُمَّ أُتركي لهم حريًّة اتخاذ القرار -طبعاً في الأمور التي ليس فيها حدود كسلامتهم و أمانهم- عندما يتخذ طِفلُك قراراً و يتعرض النتيجه الطبيعية سيتعلَّم الاعتماد على نفسه في اتخاذ قرارٍ مُختلف في المرات القادمة.
٥- هيّئي له مُحيطه ليعتمد على نفسه
من المهم جعل البيت مكاناً مُناسِباً للأطفال، و من المهم أيضاً الانتباه لتفاصيل صغيرة تُبقي أطفالنا بحاجة لنا في كُل أمر، مثلاً في المطبخ، ضعي جميع أكواب و صحون و أدوات طفلك في درج قريب و علِّمي اسمه على الدرج ليستخدم منها ما يحتاج بنفسه، ضعي له وجبات خفيفة مُجهزة في صحون أو أكياس في مكان منخفض في الثلاجة ليتناول منها وحده عندما يجوع ..اربطي له أبواب الخزانة بحبل طويل ليتمكن من فتحها و اختيار ملابسه وحده، جهازي له الحمّام بمقعد مخصص و درج ليصل المغسلة و غيره..
٦- اجعلي مسؤولياتك و مسؤوليات طفلك واضحة
مع كُل سنة من عُمر طفلك تطور قدرته على أداء بعض الأمور و الاعتناء بنفسه، لذا على مسؤولياته أن تكون واضحة بالنسبة له ليعرف ما يُمكنك فعله له و ما عليه انجازه لنفسه، فإذا كان باستطاعة طفلك أن يُحضر الماء لِنفسه و طلب منك ذلك يُمكنك الإجابة "أنت تعرف أين الماء عندما تشعر حقاً بالعطش يُمكنك إحضاره لنفسك"، عندما تعرفين أن بإمكان طفلك القيام أمر ما و لكنه يطلب منك فعله قولي له " لماذا لا تحاول، أنا بجانبك ان احتجت للمساعدة" ، لكن احذري من سؤاله باستمرار ان كان بحاجة للمساعدة..
مع الحب
لانا أبو حميدان
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق