عِنْدَما يَكونُ وَقْتُ الشّاشَةِ مُفيدًا وَمُسَلِّيًا
الشِّتاءُ الْـماضي، ذَهَبْتُ مَعَ أَطْفالي في رِحْلَةٍ، مُدَّتُها أَرْبَعُ ساعاتٍ بِالطّائِرَةِ. وَضَعْتُ في حَقيبَتي كِتابًا، وَطَلَبْتُ مِنْهُمْ أَيْضًا أَنْ يَـخْتاروا قِصَصًا يَقْرَؤونَها، وَنَحْنُ بَيْنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ. وَبِمُجَرَّدِ أنْ طِرْنا فَوْقَ السَّحابِ، أَخْرَجَتْ فَريدَةُ ابْنَتي جِهازَها اللَّوْحيَّ مِنْ حَقيبَتِها، وَقَبْلَ أَنْ أَتَساءَلَ، ضَحِكَتْ، وَبادَرَتْني: "مَعَكِ كِتابٌ واحِدٌ، وَمَعي هُنا عَلى الْـجِهازِ اللَّوْحيِّ عَشْرَةُ كُتُبٍ".
الْـحَقيقَةُ الَّتي لا هَرَبَ مِنْها أَنَّ شَعْبيَّةَ الْكُتُبِ الْإلِكْتُرونيَّةِ، وَالضَّرورَةَ الْـمُلِحَّةَ لِاسْتِخْدامِها مَعَ الْأَطْفالِ تَتَزايَدُ يَوْمًا بَعْدَ يَوْمٍ.
مُـمَيِّزاتُ الْكُتُبِ الْإلِكْتُرونيَّةِ لِلْأَطْفالِ:
- مَوَفِّرَةٌ مادِّيًّا: اشْتِراكٌ شَهْريٌّ أَوْ سَنَويٌّ في مَكْتَبَةٍ أَوْ مِنَصَّةٍ إلِكْتُرونيَّةٍ، يُوَفِّرُ لَكَ مِئاتٍ مِنْ قِصَصِ الْأَطْفالِ الْـمُصَوَّرَةِ وَالْـمَسْموعَةِ مُقابِلَ مَبْلَغٍ أَقَلَّ مِنْ شِراءِ كِتابٍ واحِدٍ فَقَطْ مَطْبوعٍ لِطِفْلِكَ.
- عَمَليَّةٌ في التَّخْزينِ: مَعَ الْكُتُبِ الْإلِكْتُرونيَّةِ، لَنْ تُضْطَرَّ لِشِراءِ مَكْتَبَةٍ أَكْبَرَ، أَوْ صُنْعِ أَرْفُفٍ جَديدَةٍ في مَكْتَبَتِكَ الَّتي فاضَتْ بِالْكُتُبِ؛ لِأَنَّ مُعْظَمَ تَطْبيقاتِ الْقِصَصِ الْإلِكْتُرونيَّةِ تُتيحُ إمْكانيَّةَ تَـخْزينِ مِئاتِ الْكُتُبِ الْإلِكْتُرونيَّةِ عَلى أَكْثَرَ مِنْ جِهازٍ إلِكْتُرونيٍّ. تَـخَيَّلْ مَعي هذِهِ الْـمَيْزَةَ وَقْتَ السَّفَرِ، مَعَ طِفْلَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ، وَلِكُلٍّ مِنْهُما كُتُبُهُ الْـمُفَضَّلَةُ!
- مُريـحَةٌ في الْقِراءَةِ: تَسْمَحُ لَكَ الْعَديدُ مِنْ أَجْهِزَةِ الْقِراءَةِ الْإلِكْتُرونيَّةِ بِتَكْبيرِ الصَّفْحَةِ، أَوْ زِيادَةِ حَجْمِ الْـخَطِّ، وَهذا مُفيدٌ لِلْأَطْفالِ الَّذينَ يَـجِدونَ صُعوبَةً في قِراءَةِ الْكُتُبِ الْـمَطْبوعَةِ بِسَبَبِ حَجْمِ الْـخَطِّ، خاصَّةً إذا كانَ لَدَيْهِمْ مُشْكِلاتٌ بَصَريَّةٌ.
- تُعَلِّمُ مُتَعَدِّدَ الْـحَواسِّ: غالبًا ما يَكونُ الْكِتابُ الْإلِكْتُرونيُّ كِتابًا صَوْتيًّا كَذلِكَ، وَهذِهِ فُرْصَةٌ رائِعَةٌ لِلْأَطْفالِ الَّذينَ يُعانونَ مِنْ صُعوباتِ الْقِراءَةِ. الاسْتِماعُ في أَثْناءِ سَرْدِ الْقِصَّةِ يُساعِدُ عَلى زِيادَةِ الْـمُشارَكَةِ... الْعَيْنُ تَقْرَأُ الْكَلِمَةَ، وَالْأُذُنُ تَسْمَعُها فَتُؤَكِّدُ عَلى النُّطْقِ السَّليمِ. (خاصَّةً إذا كانَ الرّاوي يَهْتَمُّ بِالتَّمْييزِ بَيْنَ أَصْواتِ الشَّخْصيّاتِ).
- تُعَلِّمُ اللُّغَةَ لِغَيْرِ النّاطِقينَ بِها: بِالنِّسْبَةِ لِلْقُرّاءِ الصِّغارِ غَيْرِ النّاطِقينَ بِاللُّغَةِ الْعَرَبيَّةِ مَثَلًا، فَالْكِتابُ الْإلِكْتُرونيُّ الصَّوْتيُّ يُساعِدُهُمْ عَلى مُتابَعَةِ نُطْقِ الْكَلِماتِ بِصَوْتٍ، وَمِنْ ثَمَّ، فَهْمُ وَإقامَةُ رَوابِطَ بَيْنَ الْكَلِماتِ الْـمَوْجودَةِ عَلى الصَّفْحَةِ وَاللُّغَةِ الْـمَنْطوقَةِ.
- الْقِراءَةُ التَّفاعُليَّةُ غَيْرُ التَّقْليديَّةِ: مُعْظَمُ تَطْبيقاتِ الْكُتُبِ الْإلِكْتُرونيَّةِ تُتيحُ أَنْشِطَةً وَأَلْعابًا وَأَسْئِلَةً عَلى الْقِصَصِ وَالنُّصوصِ الْـمُقَدَّمَةِ لِلْأَطْفالِ، بَعْضُها يُوَفِّرُ مَيْزَةَ التَّعْليقِ عَلى الْكِتابِ، أَوِ التَّواصُلِ الْـمُباشِرِ مَعَ الْكاتِبِ، وَيا لَـها مِنْ مَيْزَةٍ مُدْهِشَةٍ لِلْقُرّاءِ الصِّغارِ!
كَيْفَ أَخْتارُ كِتابًا إلِكْتُرونيًّا لِطِفْلي؟
بِبَساطَةٍ، ابْحَثْ عَنْ نَفْسِ صِفاتِ الْكِتابِ الْـجَيِّدِ الَّتي تَبْحَثُ عَنْها في الْكُتُبِ الْـمَطْبوعَةِ.
• قِصَصٌ مَرْويَّةٌ جَيِّدًا عَنِ الْأَشْياءِ الَّتي يَرْتَبِطُ بِها طِفْلُكَ، أَوْ يَهْتَمُّ بِها.
• مَـجْموعَةٌ واسِعَةٌ مِنَ الْكَلِماتِ الْـمُناسِبَةِ لِـمَرْحَلَتِهِ الْعُمْريَّةِ.
• رُسوماتٌ مُعَبِّرَةٌ، وَعِباراتٌ مُضْحِكَةٌ وَجَذّابَةٌ تُساعِدُ طِفْلَكَ عَلى تَعَلُّمِ اللُّغَةِ.
كَيْفيَّةُ تَـحْقيقِ أَقْصى اسْتِفادَةٍ مِنَ الْكُتُبِ الْإلِكْتُرونيَّةِ:
- اخْتَرْ وَسيلَةَ قِراءَةٍ مُريـحَةً لِعَيْنِ الطِّفْلِ، كَالْـجِهازِ اللَّوْحيِّ الْـمَحْمولِ، أَوِ الْـجِهازِ الرَّقْميِّ "آيْبادْ، أَوْ تابْلِتْ".
- تَـجَنَّبْ قِراءَةَ الْكُتُبِ الْإلِكْتُرونيَّةِ الصّاخِبَةِ وَالْـمُثيرَةِ وَالسَّريعَةِ قَبْلَ النَّوْمِ، وَالَّتي قَدْ تُبالِغُ في تَـحْفيزِ طِفْلِكَ. الْأَفْضَلُ هُنا الْقِصَصُ الصَّوْتيَّةُ فَقَطْ، أَصْواتٌ مُريـحَةٌ وَهادِئَةٌ.
- اقْرَأْ أَوَّلًا، الْعَبْ لاحِقًا: في حينِ أَنَّ الْـمَيْزاتِ التَّفاعُليَّةَ لِلْكُتُبِ الْإلِكْتُرونيَّةِ تُعْتَبَرُ رائِعَةً لِـجَذْبِ انْتِباهِ الْأَطْفالِ، إلّا أَنَّها يُمْكِنُ أَنْ تُصْبِحَ أَيْضًا مَصْدَرَ إلْـهاءٍ عَنِ الْقِراءَةِ الْفِعْليَّةِ. إذا كانَ الْكِتابُ الْإلِكْتُرونيُّ يَـحْتَوي عَلى عَناصِرَ تَفاعُليَّةٍ تَبْتَعِدُ عَنِ الْقِراءَةِ، فَمِنَ الْأَكْثَرِ فَعّاليَّةً قِراءَةُ النَّصِّ بِالْكامِلِ أَوَّلًا، ثُمَّ تَـجْرِبَةُ الْـمَيْزاتِ التَّفاعُليَّةِ بَعْدَ ذلِكَ.
- اقْرَأْ مَعًا: حَتّى لَوْ كانَ الطِّفْلُ يَقْرَأُ كِتابًا إلِكْتُرونيًّا بِالصَّوْتِ، كُنْ حاضِرًا في أَثْناءِ قِراءَةِ الطِّفْلِ، تَـمامًا كَما تَفْعَلُ مَعَ الْقِراءَةِ الْـجَهْريَّةِ لِلْكِتابِ الْوَرَقيِّ. بِهذِهِ الطَّريقَةِ، يُمْكِنُكَ أَنْ تُساعِدَ الطِّفْلَ إذا واجَهَتْهُ صُعوبَةٌ في نُطْقِ كَلِماتٍ مُعَيَّنَةٍ، أَوْ في فَهْمِ رُسوماتِ الْقِصَّةِ، أَوْ حَتّى في الْـمُناقَشَةِ حَوْلَ الْفِكْرَةِ وَالْـحَبْكَةِ.
جَرِّبْ هذِهِ الطُّرُقَ عِنْدَ قِراءَةِ الْكُتُبِ الْإلِكْتُرونيَّةِ مَعَ طِفْلِكَ:
- ضَعْ طِفْلَكَ بِالْقُرْبِ مِنْكَ، أَوْ عَلى رُكْبَتِكَ في أَثْناءِ الْقِراءَةِ، حَتّى يَتَمَكَّنَ طِفْلُكَ مِنْ رُؤْيَةِ وَجْهِكَ وَالْكِتابِ.
- انْتَقِلْ بِبُطْءٍ مِنْ صَفْحَةٍ إلى أُخْرى، وَهذا يَمْنَحُ طِفْلَكَ الْوَقْتَ لِلنَّظَرِ إلى الصُّوَرِ وَالنُّصوصِ.
- اشْرَحْ مَعْنى الْكَلِماتِ، أَوِ الصُّوَرِ غَيْرِ الْـمَأْلوفَةِ، وَتَـحَدَّثْ عَنِ الْقِصَّةِ، وَرَكِّزْ عَلى الْأَشْياءِ الَّتي يَهْتَمُّ بِها طِفْلُكَ أَكْثَرَ، وَاطْرَحْ أَسْئِلَةً مَفْتوحَةً. عَلى سَبيلِ الْـمِثالِ، "كَيْفَ شَعَرَ الْكائِنُ الْفَضائيُّ عِنْدَما وَصَلَ الْأَرْضَ في رَأْيِكَ؟"، أَوْ "ماذا تَعْتَقِدُ أَنَّهُ سَيَحْدُثُ لِلْبَطَلِ بَعْدَ ذلِكَ؟".
- حاوِلِ التَّرْكيزَ عَلى الْقِصَّةِ، أَوِ الْـمَعْلوماتِ بَدَلًا مِنَ التَّرْكيزِ عَلى الْـجِهازِ. يُمْكِنُكَ أَيْضًا الْقِيامُ بِذلِكَ عَنْ طَريقِ رَبْطِ الْعَناصِرِ التَّفاعُليَّةِ بِالْقِصَّةِ. عَلى سَبيلِ الْـمِثالِ، "لِـماذا تَعْتَقِدُ أَنَّ هُناكَ موسيقى سَعيدَةً؟".
صَحيحٌ، لا غِنى أَبَدًا عَنِ الْكِتابِ الْوَرَقيِّ وَمَلْمَسِهِ، وَما يَتَوَفَّرُ بِهِ مِنْ مُـمَيِّزاتٍ لِلْأَطْفالِ -عَلى الْأَقَلِّ بِالنِّسْبَةِ لي كَأُمٍّ وَكاتِبَةٍ- ناهيكُمْ عَنْ وَقْتِ الشّاشاتِ الَّذي صارَ فُقّاعَةً تَكْبُرُ وَتَسْحَبُ الْأَطْفالَ داخِلَها مَعَ الْوَقْتِ. وَلكِنْ، إذا كانَ وَلا بُدَّ مِنْ وَقْتِ الشّاشَةِ لِلطِّفْلِ، فَهَيّا نَرْبُطْهُ بِالْكِتابِ الْإلِكْتُرونيِّ، لِنَسْتَفيدَ مِنْهُ أَكْبَرَ اسْتِفادَةٍ.
بقلم: باسنت إبراهيم
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق