الثلاثاء، 16 يونيو 2015

ما الُمشكلة في إرسال طِفلِك لِغُرفته عندما يُخطِئ؟


نسمع كثيراً عن طريقةِ ارسال طِفلك لِغُرفته أو وضعه في زاويةٍ مُعينة من الغُرفة لِمُدةٍ زمنية ليُفكِّر في خطأِه أو حتى يعتذر (time out) ، حتى أن بعض أخصائيي التربية ينصحون بها.. تبدو هذه الطريقة حلّاً منطقياً فهي لا تتضمن العُنف كالضرب ، و تُبعِد الأهل و الطفل عن بعضِهم لفترة و هذا يُعطيهِم الوقت اللازم  للهدوء و التفكير بعقلانيّة مُجدداً..  

بالرغم من كون هذه الطريقة أفضل بكثير من الضرب أو الصراخ على طِفلِك إلا أنها تُعلِّم الدرس الخاطِئ و لا تُساعِد على خلق أطفالٍ أكثر أدباً و أفضل تصرُّفاً..في الحقيقة إنها قد تكون سبباً في سوء تصرُّف طِفلِك لاحِقاً.. لِماذا؟

١-  تجعل طفلَك يرى نفسه في صورةٍ سيئة
أنت تُثبِت لِطِفلِك ما يشُك به، أنّه شخصٌ سيّء، و أنت تُبعِده. وهذا كفيلّ ليس فقط بزعزعة ثقة طِفلك بنفسه و إنما خلق تصرُفات أكثر سوءاً.. لأن دماغ طِفلِك سيعمل لتحقيق الصورة التي يراها عن نفسه .
فمهما كان خطأ طِفلِك احرص دائماً على إعلامه أنه (بشخصه) أفضل بكثير من تصرفه هذا. و خطأُه هذا هو فُرصة قيّمة ليتعلّم التصرُّف الصحيح من الخاطئ .

٢- لا تُفيد في تعليم طِفلِك التحكُّم في مشاعرِه الصعبة و التعامل معها
إن أسرع طريقة لتُعلِّم طِفلك إدراك ما يشعر ( حزن، غضب، ضيق) و تهدئة نفسه قبل أن يندفع بالتصرُّف هي أن تتقبل أنت مشاعِره هذه و تُشعِره أنها طبيعية و يُمكِنه التعامل معها.. عندما تُبعِده في غُرفةٍ وحده فأنت أيضاً تتحاشى مشاعره السيّئة هذه و التي قد تكون أساساً سبباً في سوء التصرُّف.. فهو سيهدأ في غُرفته بالنهاية و لكّن دون أن يتعلَّم ماذا يفعل عندما يغضب في المرّة القادمة.

٣- تولِّد لدى الطِفل احساساً بالخوف و شعوراً بتخلِّيك عنه
إن  إبعاد طِفلِك عندما يكون في حالةٍ سيئة يعني بالنسبة له تخليِّك عنه عندما كان في أمَس الحاجة لك، و الأسوأ من ذلك أننا ندفعهُم للاعتقاد بأننا فقط نتقبلُّهم في حالاتهم الجيدة و أن الغضب و الحُزن(و التي هي جُزءٌ مِن مَن نكون جميعُنا) ليست مقبولة و هو غير مرغوب فيه عندما يشعرها.

٤- تفتح المجال لِصراع القوة بينك و بين طِفلِك
فبدلاً من تقوية علاقتك بِطِفلِك و جعلها ايجابيّة و قائمة على الاحترام و الثقة ، فإن طِفلك سيشعر بالخزي أمامك و سيقضي وقته هذا في الغُرفة يُفكِّر في الخلاص أو لفت انتباهك أو حتى الانتقام منك.. هل تتوقع حقاً أنه سيجلس ليُفكِّر في خطأِه و طريقةٍ لإصلاحه !!؟ 

٥- كأي عِقابٍ آخر ، فهي تحرِم طِفلك من تحمُّل مسؤولية خطأه
فهو قد تلقى عِقابه عندما أرسلته للغُرفة و ليس مديناً لك بأي شيء.. و لا حتى قول كلمة ( آسِف ) و ان قالها فقط بِدافع الخوف منك أو من استمرار العِقاب.. فأنت قد قطعت عليه فُرصة الشعور بالذنب لما فعل و حوّلته لشُعور بالشفقة على نفسه. 

إذن فإن الوقت المُستقطع لِطِفلك ليس هو إلا شكلاً من أشكال العِقاب و الذي لا يُجدي حقاً لتشجيع التصرفات الجيدة، و ان كُنت تستخدم هذه الطريقة للتعامُل مع مشاعر طِفلِك الصعبه أو بكائه و انهياره فضررها كما ذكرنا أكبر. 

لكن ماذا يُمكِنُك أن تفعل؟


١- اذهب أنت وهو في وقتٍ مُستقطع
فعِندما تُلاحِظ علامات سوء تصرُّف على طِفلِك، لا تنتظر.. خُذه معك مُباشرةً لِغُرفةٍ أُخرى لِتُساعِده على الهُدوء و التحكُّم في نفسه (Time In) ، فقد يكون في حاجةٍ فقط لاهتمامك أو حُبِّك، أو التحدُّث معك عن ما أزعجه اليوم في المدرسة.

٢- ان قام طِفلُك بتصرُّف خاطِئ
اذهب معه في هذا الوقت المُستقطع و ساعِده على التفكير في أسباب تصرُّفة و آثاره، ذكِّرْه بِحدوده و اتفق معه على ما يُمكنه أن يفعل لتصليح ما أفسد ( بما فيها مشاعر من حوله) و كيف باستطاعته تحاشي الأمر في المرّة القادمة.

٣- عِندما ينهار طِفلُك و يبدأ بالبُكاء و الصُراخ
فإن الوقت قد أصبح مُتأخِراً جٍداً لتعليمه أي شيء، لا تُحاوِل نِقاشه، لومه أو إقناعه بشيء فهو يتعامل مع مشاعره و الأجزاء المُفكِّرة من عقله لا تعمل لأنها في حالة المُواجهة أو الفِرار. فقط أبقى بجانبه، و جرِّب أن تتقبَّل حالته هذه كباقي حالاته. أخبره أنك بجانبه و أنّه بأمان، معرِفته بأنك ستبقى بجانبه في أسوأ حالاته، أنه سيكون بأمآن و أنك لا زِلت تُحبه ستُخفف من حِدة هذه الحالات.. لا تُحاوِل إصلاح الموقِف أو منحه ما يُريد ليتوقف عن البُكاء.. فبُكاء أطفالِنا و نحن بجانبهم لِمُساعدتِهِم جيدٌ و ضروري للتنفيس عن مشاعِرهِم السيئة.

مع الحب
لانا أبو حميدان

الثلاثاء، 9 يونيو 2015

٤ أسباب تجعل من عقاب أطفالِك فشلاً


كثيرٌ مِنّا رُزِق بأطفاله و لم يَكُن مُهيئاً للتعامل مع كُل ما يُرافِقهم من تحديات.. أو على الأقل لم يُدرِك أن العشوائية في التعامل معهم لا تكفي.. فجميعنا يحتاج ليفهم طبيعة الطفولة ليفهَم تصرفات أطفالِه و حاجاتهِم..و الأهم أن يتعلم ما ينفع و ما لا ينفع من الأساليب في وضع الحدود لهم و تربيتهم..

اعتاد الأهل منذ قديم الزمان على استخدام العقاب بأشكاله المُختلفة لتعديل تصرفات أطفالِهم.. لكن مع تطوّر العِلم و تقدُّم البُحوث أصبح العِقاب من المُمارسات السيئة التي يستخدمها الأهل و أصبح واضِحاً أن العِقاب لا ينجح ، على الأقل ليس على المدى الطويل..و تربيّة أطفالِك ليست مشروعاً مؤقتاً أو قصير المدى، فأنت تغرس فيهم الصفات الجيدة التي تضمن لهم حياة سعيدة من بعدك.

إن عائلِتك تحتاج للاحترام المُتبادل بين جميع أفرادِها، الحُب و التصحيح و التعليم بِلُطف.. و هُنا ليس للعِقاب مكان هل تعرِف لِماذا؟

١- العِقاب مؤلِم
جسدياً و نفسياً.. فالهدف خلف العِقاب هو التضييق على الطِفل (أو إيلامِه في حالة الضرب) للضغط عليه لفِعل ما نُريد مِنه بغض النظر عمّا اذا كان ما نريده هو الصواب أو لا.

ان أقل قدر من الأذى النفسي أو الجسدي من جِهتِك لِطِفلِك يخلِق صورة العدو عنك في عقلِه.. و يزيد الفجوة بينك و بينه و هذا يعني أنه لن يستطيع أن يثِق بك أو أن يعتمِد عليك كحليفٍ له.

لكن هذا لا يعني أن لا تفرِض الحدود عليه، على العكس فالأطفال يحتاجون لحدودنا و قوانينا للشعور بالأمان أنّ هُناك مسؤولٌ عنهم..

أعلِمهم بحدّك بِلُطف " لن أسمح لك أن تضرب، الضرب مؤلِم" ، تصرّف " امسك يده أو أبعِده و غيّر مكانه" ، تكلّم معه و ساعِده على فهم تصرُّفه و الأُمور من حوله "عندما نشعر بالغضب، نشعُر برغبةٍ في الضرب لكنه ليس تصرُفاً صحيحاً أنا مُتأكدة من أنك تعرِّف الشُعور عندما يضرِبك أحدُهُم" . استمِّر في حزمِك و كُن مِثالاً له و اصبر فهو سيحتاج للوقت لينعكس فهمُه على تصرُفِه.

٢- العِقاب نوعٌ من التسلُّط
كثيرٌ من الأوقات نُعاقِب أطفالنا لِتصرُّفِهِم بطريقةٍ غير مقبولة اجتماعياً كالصراخ أو العُنف و لكن للأسف فان هذه التصرفات طبيعيَّة في فترة الطفولة لعدم اكتمال الجُزء المسؤول في دِماغِهِم عن التحكُّم في مشاعِرِهِم و تصرُفاتهِم..فنحن نُعاقِبهُم لِحاجتهم للمُساعدة. نحرمِهم من تطوير هذا الجُزء من دِماغِهم بأفضل طريقة و لا نُعلِمهُم التصرُّف اللائق و الصحيح

٣- عقاب طِفلِك يفترض سوءه 
عندما نُعاقِب أطفالنا على تصرُفاتٍ خاطئة أخلاقية قاموا بها كالكذِب و السرقة فنحن نوحي لهم بأنهم أشخاص سيؤون و يستحقوّن العِقاب..
غالِباً ما يقوم أطفالُنا بتصرُفاتٍ مُماثلة لاختبار ردّاتِ فعلنا و اكتشاف ما ان كانت هذه التصرُّفات مقبولة..فطِفلُك لم يعرف أفضل من ذلِك، و أحياناً أُخرى يُقلِّد غيرهُ في هذه التصرُّفات فقط لأنه لم يعرِف أفضل من ذلِك..

عِقابك لطِفلِك يوحي له بصورة سيئة عن نفسه ستجعل عقله اللاواعي يعمل لاثبات صِحة هذه الصورة.. فالأغلب أنه سيستمِّر في هذه التصرُّفات لكِّنه سيُصبِح أفضل في اخفاءِها عنك لينجو من عِقابِك..

٤- العِقاب يحرِم طِفلك من فهم آثار تصرفاته على غيره و الشعور بالذنب
عندما تفرض على طِفلك نتيجة من اختيارِك فأنت تُحوُّل تركيز طِفلِك من فهِم السوء في تصرُّفه و تأثيره على غيره الى التركيز على نفسه و التفكير في كيفية الهرب من العِقاب أو الانتقام مِنك.. كما أنك تحرِمه من الشعور بالذنب لأنه قد دفع الثمن عندما عاقبته أنت.

فهو لن يكون قادِراً على ادراك  سوء تصرُّفه أو التفكير في اصلاح مشاعر من آذى أو ما أفسد عندما يُعاني هو نفسه.

تذكَّر دائِماً "أنك لن تُعلِّم طِفلك التصرُّف بطريقة أفضل بأن تجعل شعوره أسوأ".
في المرّة القادمة تجِد نفسك مُقدِماً على فرض عِقاب على طِفلِك.. توقَّف و أعطي نفسك دقائق لِتهدأ، أعِد ما حصل لِطِفلِك ، شُعورك اتجاه تصرُّفه.. و ما يُمكِن فـِعله في المرّة القادمة بشكلٍ مُختلف..فهُنا يبدأ التعليم و التغيير..

إذا اقتنعت و تريد بدائل للعقاب يمكنك إيجادها في المقالات التالية:

٦ بدائل فعّالة للعقاب

عندما لا يستجيبُ طفلك

مع الحُب
لانا أبو حميدان 

الثلاثاء، 2 يونيو 2015

كيف تحُد من تأثير الأصدقاء السلبي على أطفالِك


جميعنا يعرف أن اختلاط أطفالِنا مع أطفالٍ آخرين، من الأقارِب، في الحضانة و المدرسة أو في أماكن اللعِب له تأثيرٌ مُهِمٌ على تصرُفاتِهِم، لكن ماذا نفعل عندما يُقلّد أطفالُنا تصرُفات غيرهِم السيّئة؟ إن الجواب دائماً هو العلاقة القوية التي تبنيها مع طِفلِك.. 

عندما تبني علاقتك مع طِفلِك على أساس الاحترام و الثقة و الحب غير المشروط فإنك تملِك سلاحاً قوياً لتحمي طِفلك من التأثيرات السيئة من حوله.

بالرغم من هذا فان علينا أن نُدرِك جيداً أن جميع من يُحيط بأطفالِنا من أقارِب ، أطفال، مُعلمين و غيره يُساهِم في بناء شخصيتهِم و تجارُبِهِم في الحياة.. و نحن لنا الدور الأول و الأهم في انتقاء هذه المؤثرات ، تشجيعها أو إبعادها.. و تأكَّد من أن طِفلَك سيُجرِّب أن يُقلِّد ما يراه من تصرفات غيره ، لكن بِمُساعدتك و مُتابعتِك و تعامُلِك مع الأمر بطريقة ايجابيّة فان طِفلُك سيتعلَّم حُدوده و سيتعلّم أيضاً كيف يضع الحُدود لنفسه ليُقاوِم تأثير أصدقاء السوء عليه عندما يكبر..

إليكم بعض الأمثلة العمليّة :

الموقِف الأول:
تتفاجِئ في طِفلِك ذو الثلاث سنوات يتلفظ بكلمةٍ سيئة ، و عندما تسأله أين قد سمِعها، يخبِرُك بأن طِفلاً في حضانته يستخدِمُها..
خلف التصرُّف:
التقليد، الأطفال يتعلمون بالمثال،  فهُم يُقلِدون ما يَرون و الأغلب أن استخدام الطِفل للكلمة السيئة في المدرسة  قد أثار ردة فِعلٍ من المُعلِّمة و سيُحاول طِفلُك تكرارها عِدّة مرَّات ليرى إن كان سيُثير نفس ردة الفِعل.

كيف تتصرَّف:
- ذكِّر طِفلك بحدوده. " أنا لا تُعجِبُني هذه الكلمة، لا تُرددها مرةً أُخرى من فضلِك" ، تذكِّر أن تُعلِمه ذلك ببرود و دون انفعال حتى لا تدفعه لِتكرارها فقط ليرى إنفعالك أو ليجذِب انتباهك..

إن كررها في نفس اللحظة فهو لا زال يُجرِّب و يختبِر حُدوده لذا تجاهل تماماً ذلِك و حوِّل انتباهه لِأمر آخر كلُعبة أو نشاط.
على الأغلب أن طِفلَك سينسى الكلِمة إن لم تُعطِي الأمر أهميَّة، فما تُعطيه أهمية و تجعل منه أمراً كبيراً هو ما سيتذكره طِفلٌك..

الموقِّف الثاني :
أنت لا تسمح لِطِفلِك ذو ال ٦ سنوات بأن يلعب ألعاب فيديو عنيفة، لكن صديقه المُفضَّل يلعبها باستمرار، بدأ طِفلُك يتظاهر بإطلاق الرصاص أو استخدام الأسلحة عندما يلعب في البيت أو مع غيره، و عندما تسأله يُجيبك بأنه يلعب هكذا مع أصدقائه في المدرسة.. يطلُب منك شراء هذه الألعاب له و مرةً أثناء لعِبه بِعُنف في المنزل وجّه ضربةً لأخيه الصغير فانفجر في البُكاء.

خلف التصرُّف:
التطبُّع. فحتى سن ال ٩ سنوات تقريباً ، لا يتمكن عقل الطِفل من تمييز جميع التصرُفات بكفائة، و ما يمُر به من تجارُب تكون مقبُولة تلقائياً بالنسبة له دون مُساءلة..

إن برامج الأطفال و الألعاب الإلكترونية التي تدور حول القتال و الحروب تُلغي حساسية أطفالِنا للعُنف و تجعل تصرُفاتِهِم تميل للعُدوانيّة..

بالنسبة لِطفلِك، إن الجُزء المسؤول في دماغه عن التخطيط و توقع النتائج في المُستقبل و الصبرلرؤية النتائج الجيدة لقراراته لن يكتمِل تطوره قبل حوالي العشرين من العُمر.. و البعض أيضاً لا يتمكن من تطوير هذه المهارات نهائياً .. لذا فإن طِفلك يواجِه موقِفاً صعباً و لن يسهُل عليه فهم سبب منعك له.

كيف تتصرَّف:
- كُن حازِماً في تحديد حاجتِك: في كثير من الأحيان لا يُدرِك أطفالُنا بأنفُسِهِم مدى تأثير تصرُفهِم على من حولِهم، لِذا ان لفت نظر طِفلك للأمر بطريقةٍ لا تجعله في حالة دِفاعٍ عن موقِفه، فانك ستُساعِده على تغيير تصرُّفه..

تستطيع فِعل ذلك ب:
١- تصِف حقيقة ما تراه من تصرّف طِفلِك دون أن تصِف هو ذاته.
٢- التأثير الذي يُسببه هذا التصرُّف.
٣- شُعورك أنت اتجاه هذا التصرُّف.

" عندما تلعبُ بهذه الطريقة فأنت تتصرَّف بطريقةٍ عُدوانية ( وصف التصرُّف) ، و من الممكن أن أن تُسبب أذىً كبيراً لأي أحدٍ حولك( اعلامه بأثر تصرفه) ، و أن أشعر بالقلق لذلك ( شُعورك اتجاه التصرُّف).” احذر من أن تُبدي أحكاماً أو تُهاجِم طِفلك شخصياً لأن هذا سيجعله يُقاوِم ، مثلاً " إنك عُدوانيٌ جِداً" أو هذه ألعابٌ فظيعة و سيئة جِداً"

- ان لم يُجدي هذا الحل بعد فترة، يُمكِنُك أن تقوم بالنقاش لِحل الموقِف مع طِفلِك حيث تُركِّز فيه فقط على حاجتِك و حاجته و ليس على فرض الحلول و القوانين من عِندك، فطِفلُك سيُبدي تعاوناً و التزاماً أكبر عندما يشعُر بِقُدرته على حل المُشكِلة و اتخاذ القرار..

مثلاً " من المُهِم لي أن يكون البيت مكاناً آمِناً لنا جميعاً" (حاجتُك ) و ليس " لا أريدك أن تلعب هذه الألعاب"( حلُّك)

بالنسبة لِطِفلِك فان حاجته هي الانخراط مع من حوله و مُجاراة أصدقائه و باعتقاده فإن الحل هو لعِب هذه الألعاب معهُم لِذا استمع له و حاولِوا كتابة جميع الحلول الممكنة من كليكُما، ناقِشوها ثُم استثنوا تلك التي لا تخدِم حاجة كليكُما في نفس الوقت حتى تصلوا لِحلٍ مُشترك.. 

- التزموا بالحل لِفترة، إن لم ينجح و لم يُساعِد طِفلك على التوقُّف أعلِمه بذلك و بِحاجتِكُم لإيجاد حل جديد..من المُهِم أن يثِق بك طِفلُك و يشعُر أنك في صفِّه.. منعه من التكلُّم مع أصدقائه أو اللعِب معهُم سيزيد من مُقاومته و بالنهايّة فأنت لست معه في جميع الأوقات لِمُراقبته، و لا يُمكِنُك دوماً تغيير البيئة حتى تٌعجِبُك أنت لِطِفلِك.. لذا فإن أفضل الحلول هي النابعة منه و باقتناعه.

- لا تنسى أن تذكُر لِطِفلِك دائِماً أنك تثِق في قُدرتِه على الحُكم على الأمور و اتخاذ القرار الصائب و أنك موجود دائماً ان احتاج النصيحة..

في النهاية علينا أن نتذكَّر أنه و مع كُل عامٍ جديد من عُمر أطفالِنا فإن تحكُّمنا في بيئتهِم يقِّل..و مُعاملتهُم بِلُطفٍ دائماً و اشراكهُم في حل مشاكِلِهِم مُنذ الصِغر هو ما سيُساعِدهم حقاً في حياتِهِم اللاحقة و في بناء علاقاتٍ صحيَّة و سليمة مع من حولهم. 

مع الحُب
لانا أبو حميدان 

الاثنين، 25 مايو 2015

هل يُمكِنُك جعل طِفلِك أكثر ذكاءاً، نجاحاً و سعادة؟



كيف تُربي طِفلاً ذكياً عاطفياً

في كتابه - كيف تٌربي طفلا ذكياً عاطِفياً-  يقول جون غوتمان
" في العقد الأخير كشف العِلم أهميّة دور الذكاء العاطفي في حياتنا، حيث وجد الباحثون أنَّ الذكاء العاطفي ( EQ ) - و هو قُدرتك على فهم مشاعِرِك في المواقِف المُختلِفة و التحكُّم بها- له دورٌ أكبر من الذكاء العقلي ( IQ ) في تحديد مدى نجاحِك و سعادتِك في نواحي الحياة المُختلفة"  
الطِفل الذكي عاطِفياً هو طِفلٌ قادِر على تمييز المشاعِر المُختلفة التي يعيشُها و التعبير عمّا يشعُر و يحتاج ليُحافظ على هُدوئه و يتحكَّم في تصرُفاتهِ، بالإضافة الى ذلك فهو قادِرٌ على تمييز و تفَهُّم مشاعِر من حوله..بالنسبة لنا كأهل هذا يعني بالتأكيد نوبات غضب و مُقاومة أقل من أطفالنا.

 عندما يكون طِفلك ذكيا عاطِفياً فسيكون لديه القُدرة على:
١- التعرّف و التعبير عن شعوره
- أنا سعيدٌ جِداً
- أنا غاضِبٌ بسببك
- أنا أشعُر بالحُزن

٢- فهم أن مشاعِره تنعكس على تصرُفاته
- عندما أكون سعيداً أضحك
- عندما أكون غاضِبا أحياناً أضرِب من أغضبني
- عندما أشعر بالحُزن فأنا أبكي

٣- منع مشاعِرِه من دفعِه للتصرُّف (يحتاج للوقت و التدريب) 
- أنا أشعُر بالغضب الآن و قد أضرِب من أغضبني، لكن الضرب غير مقبول، لِذا سأضرِب بقدمي على الأرض و أستخدم كلماتي لأقول ما يُغضبني.
- أنا مُنزعِجٌ الآن و لكنِّي سأُغيِّر مكاني حتى أهدأ و لا أبصق على من أزعجني.
- أنا أشعُر بالتعب لأنني جوعان، يجب أن آكُل شيئاً.

٤- تطوير القُدرة على الاتفاق مع أصدقائه
- أنا أُحب أن ألعب مع أحمد
- أنا أشعُر بالضيق عندما أُجبَر على مُشاركة لُعبتي مع أحمَد، سوف أخبره بأنني لست مُستعِداً لِمٌشاركتها بعد و سأعرِض عليه لُعبة أُخرى

و الآن ماذا يُمكنك أن تفعل ليكون طِفلُك ذكياً عاطفياً


١- تقبَّل جميع المشاعر و احترِامها
تذكّر أن أطفالك هم أناسٌ كاملون و مختلفون عنك، اذا كنت تشعر بالبرد فهذا لا يعني أن على طِفلك ارتداء معطفه، و اذا شعر طِفلُك بالألم عندما وقع، أنت لم تشعر به عندما قُلت له" لا بأس لم يحصل لك شيء أنت بطل" 

لِذا تجنّب أن تُملي على طِفلِك ما يشعُره 
مثلاً: اذا كان طِفلُك يشعُر بالخوف ليلاً.. فإن شُعوره صحيحٌ و منطقيٌ تماماً بالنسبة له.. لذا تقبَّل شعوره بأن تقول مثلاً " أنت تشعرُ بالخوف الآن؟" و تذكَّر أنه لن يُفيد طِفلَك أن تقول "لا تخف،  ليس هُناك ما يُخيفُ" ، فنحن عندما نُملي على أطفالِنا مشاعِر مُختلِفة عما يشعرون، نُربِكهُم و ندعوهم بطريقةٍ غير مُباشرة لعدم الثقة في مشاعِرهِم و أنفُسِهم.

كذلِك لا تخشى المشاعر السلبيّة و تحاول منعها، فإدراك طِفلِك لها هو ما سيُساعده على التخلّص منها، " من الصعب أن ترى أخاك الصغير يأخذ من وقتي ، هذا الشعور هو الغيرة و جميعنا نمر به"  


٢- تكلَّم دائماً عن المشاعِر
اسأل طِفلك باستمرار عن ما يشعُره اتجاه ما يحصُل معه و شارِكه المشاعِر المُختلفة التي تمُّر أنت بها خلال اليوم..و ضع اسماً لِكُل شُعورٌ يمُر به طِفلُك، " أنت لا تعرِف ماذا تختار، هذا الشُعور يُعرَف بالحيرة"
  
دَع طِفلك يرى بوضوح العلاقة بين شعوره و تصرفاته، " أنا أرى أنك غاضِب و قد بدأت برمي الأشياء" 

شجِّع طفلك أيضاً على مُلاحظة مشاعر غيره من الأطفال و الناس و الفت نظره لها دائماً. " أنظر كم أصبحت أُختُك الصغيرة سعيدة عندما شاركتها لُعبتك"
تذَكَّر أنه كُلما زادت قُدرة طِفلِك على مُلاحظة مشاعِرِه و التكلُّم عنا ، قلّت التصرُفات السلبيَّة المُرتبطة بها، فان استطاع طِفلُك أن يُخبِرك بأنه غاضِب لن يحتاج لأن يُظهِر لك ذلك على شكل نوبةٍ من البُكاء و الصراخ و الانهيار. 

٣- اقرأ الكُتُب و القصص 
هُناك قصص كثيرة جذابة للأطفال تتناول موضوع المشاعر المُختلفة و طريقة التعامُل معها.

٤- اللعب
إن اللعِب طريقة رائعة و طبيعية جِداً للتعلُّم عن المشاعر و التحكُّم بها، يُمكِنُك اللعِب مع طِفلك باستخدام ألعابِه المحشوَُة و الدُمى لتمثيل مواقِف من حياة طِفلِك تظهر فيه مشاعِر مُختلِفة و كيفية التحكُّم بها بطريقة ايجابيّة

٥- تربيّة ايجابيّة
علِّم نفسك عن طُرق بديلة للتربيّة بعقلانيّة و ايجابيّة، فالصراخ و الضرب ، تجريح طِفلِك بالكلام و انتقاده جميعها أمثلة على عدم مقدِرتك على التحكُّم في ضيقك و غضبِك كما أنّها لا تُعلِّم طِفلك كيفية الانتباه لِشعوره و التعبير عنه بطريقة فعّالة.

عندما تِجِدُ نفسك قد فقدت صبرك حول طِفلِك مثلاً، جرِّب أن تلفت انتباهه لِشعورِك " أنا أشعُر بالضيق الآن و سوف أحتاج لعشرة دقائق وحدي لكي أستعيد هدوؤي فأنا لا أُريد أن أفقِد أعصابي و أُكلِمك بطريقةٍ سيئة" 

٦- تعاطف مع طِفلِك و ادعمه في الأوقات الصعبة
عندما تطفو مشاعِر طِفلُك عل السطح فهذا هو الوقت الأمثل لِمواجهتها، لذا كُن موجوداً لِطِفلِك في مثل هذه الأوقات لتدعمه و ُساعِده في مشاعِرِه، فمثلاً ان انهار طِفلُك و بدأ بالبكاء و الصُراخ و انتم في الخارج، قد يدفعُك موقِفُك لاسكاته بأي طريقة و منعه من البُكاء، لكن التصرُّف السليم هنا هو تركه للتعامل مع ما تراكم في داخِله من مشاعِر، كن موجوداًً بجانبه، ضُمّه و طمأنه بأنّ كل شيءٍ سيكون على ما يِرام ، غضبه، حُزنه أو ضيقه لن يجعل منه انساناً سيئاً و لن يغير حُبك له.

مع الحُب 
لانا أبو حميدان

الاثنين، 18 مايو 2015

٨ أسباب لِتمنع طِفلك من استخدام الأجهزة الالكترونيّة.


هل يقضي طِفلُك مُعظم أوقات فراغه يحمل هاتِفاً ذكياً أو جهازاًً لوحياً؟ و هل تترك التلفاز مفتوحاً طوال النهار سواء كان هناك ما تُتابعه أم لا؟ قد توفّر هذه الأجهزة جميعها التسلية أو "الإلهاء" لأطفالِنا عندما نحتاج لقضاء بعض الأعمال المنزلية أو الاحتياجات خارج المنزل أو حتى التحدٍث مع بعض الأصدقاء بِهدوء، لكِنّنا رُبما لا نأخُذ مضار أي منها على أطفالِنا بِجديّة.

 تُشير الدراسات الى أن الطِفل قبل عُمر السنتين مثلاً ، يجب أن يجِد مصادِر تسلية بعيدة عن الشاشات تماماً، لأن دِماغه يمُر في مرحلة تطورٍ مُتسارعة، و تحديقه في شاشة في هذا العُمر يحرِمه من فُرص التعلُّم عمّا يدور من حوله و التواصل مع بيئته المُحيطة و هو ما يحتاجه عقله لينمو و يتطوَّر. 

إن الأمر لا يتوقف عند الطِفل ذو العامين، فأطفالك الأكبر عُمراً بحاجة لتحديد و تنظيم لأوقات استخدامهم للأجهزة الإلكترونية، إليكم أهم الأسباب:

١- تطور القُدرات العقليّة
بين الولادة و سن ٣ سنوات، يتضاعف حجم دماغ طِفلِك ٣ مرّات و يستمر في النمو حتى عُمر ٢١ عاماً، و لتطوره بأفضل شكل فإنّ طِفلك بحاجة لِمُحفزات عديدة و مُتنوعة لا تتضمن الاستقبال السلبي فقط من هذه الأجهزة، و هناك حالات عديدة  تؤثر فيها هذه الأجهزة على المهارات العقليّة و القُدرة على التعلُّم و تصرفات أطفالنا و اندفاعهِم، و لا نُدرك نحن السبب.   

٢- تأخُّر التطوُّر الإجتماعي و العاطِفي
تُشير الأبحاث إلى أن الأطفال الذين يقضون أوقاتهم في استخدام الآي فون و الآيباد و غيرها، يُظهِرون تأَخُراً في تطوير المهارات الاجتماعية و الاندماج مع من حولهم، بالإضافة للبُطئ في تعلُّم الكلام، و القُدرة على تمييز المشاعِر و التحكُّم بها (الذكاء العاطفي)، كما في السنوات اللاحقة أظهر هؤلاء الأطفال تأخُراً في المُستوى التعليمي في المدرسة.

٣- مُعلِّم سيّء 
عادة ما نترك أطفالنا لِمُشاهدة ما يُعرض على التِلفاز أي كان، فنحن ندع التلفاز يُقرر عنا.. كثيرٌ مما يِعرض في قنوات الأطفال لا يتناسب و ما نُريد لأطفالِنا تعلُّمه، كلمات غير مُناسبة و أفكارٌ هابطة.. بعض برامج الأطفال و ألعاب الفيديو، تدور حول الحرب و القتل و غيرها.. و هذا يقتُل حساسيّة أطفالِنا للعُنف و يجعل تصرُفاتهِم أكثر عُدوانية. 

٤- السُمنة
استخدام هذه الأجهزة لأطفالنا يعني الجلوس دون حركة لِفترات طويلة و هذا يعني قِلّة النشاط البدني و زيادة الوزن.

٥- اضطرابات النوم
يميل بعض الأطفال للسهر حتى ساعات مُتأخرة و مُقاومة النعس للّعب على هذه الأجهزة، كما أن استخدامها قبل وقت النوم، يُحفِز الدِماغ و يجعل الاسترخاء و النوم العميق أصعب للطفل.

٦- فترات تركيز أقل
أثبتت الدراسات أن قضاء الأطفال أوقات غير محدودة أمام الشاشات تؤثر على قُدرتهم على التركيز "attention span " و تجعلها أقصر، فما يُعرض على الأطفال بطريقة مُتسارعة و طريقة تلّقي المعلومات تؤدي الى تقليص في الوصلات العصبيّة في الفص الجبهي الأمامي " prefrontal cortex" و بالتالي تقليص وقت تركيزهم و استماعِهِم.

٧- زيادة فُرص الانحراف
إن انعزال أطفِالنا مع أجهِزتِهم ، يُؤثر بشكل كبير على عُمق و قوّة علاقتنا نحن بهم، علاقة ضعيفة بين الأهل و الأولاد يعني فُرصة أكبر للانحراف مع أصدقاء السوء و التأثُّر بما حولهُم. كما قد يُدمِن الطِفل على استخدام الأجهزة و الألعاب الإلكترونية و يخرج الأمر عن سيطرته. 

٨- صِحة العينين 
إن قضاء وقت طويل أمام الشاشات يُعرّض العيون للضغط و خصوصاً عند الأطفال.

إذاً هل تمنع طِفلك نهائياً من استخدام الأجهزة الإلكترونية؟ 


بالطبع لا، لكن ضع قواعد للأمر :

الطِفلُ أقل من عمر السنتان يجب أن لا يقضي أي وقت نهائياً على أي من هذه الأجهزة وحده، لذا إحرص أن يبقى التلفاز مُطفئاً خلال اليوم حتى لو كان ما يُعرض غير برامِج أطفال . اذا أردت أن يستفيد طِفلُك من برنامج مخصص لِعُمره، احرص أن تجلس معه و تجعل مُتباعته تفاعليّة ، تكلّم معه و اشرح له ما يحدث، اسأله أسئلة عمّا يرى أيضاً.

- بعد عُمر السنتان حدد لِطِفلِك ٣٠ دقيقة فقط من وقت الشاشات سواء أكان التلفاز، اللعب على الكمبيوتر أو أي شيءٍ آخر. و انتقي ما يفعله، تأكد من اختيار برامج و ألعاب ذات مُحتوى مُناسِب. 

- الأطفال في هذا العُمر مُبرمجون طبيعياً للعب و حُب الاستكشاف، لِذا يُمْكِنُ تسليتهم بأبسط النشاطات خلال اليوم و إشراكِهم معك فيما تفعل عندما تكون خارج البيت.

- في عُمر المدرسة يُمكنك زيادة الوقت لساعة يومياً و انتقاء ماذا يُشاهِد و يلعب. 

مع الحُب
لانا أبو حميدان

الأربعاء، 13 مايو 2015

٦ نصائح لِتكوني أكثر صبراً مع أطفالك


مُتطلبات البيت و العائلة اليومية، العمل ، الحياة الاجتماعية و حياتُنا المُتسارعة و ما تحْمِله من ضغوطات بالإضافة لِتربية أطفالِنا و المسؤوليّة العظيمة التي تُرافقها كفيلة بِترك أكثرنا صبراً دون أي قُدرة على التحمُّل، قد لا يكون هذا الأمر ذو أهميّة كبيرة إلّا عندما نجِد أنفُسنا فاقِدين للسيطرة على تصرفاتِنا و ردّات فِعلِنا حول أطفالِنا...

تصرُفات الأطفال مُستفِزّة غالِباٍ و تحتاج لاستراتيجيات و طُرُقٍ مُختلِفة لتوجيهها بطريقة صحيّة و سليمة.. و هذا يعني أنكِ تحتاجين للصبر.. أن تكوني قادِرة على سماع أسباب طِفلِك مهما بدَت غير مُقنِعة، التعاطُف معه و رؤية الأمور بعينيه يعني أنك تحتاجين للصبر، أن تُدرِكي أنّ تصرُفات طِفلِك السلبيّة لن تتغير في يوم و ليلة و أنّكِ تحتاجين لتذكيره أحياناً مِئة مرّة حتى يتأكد من أنّكِ ثابِتة على موقِفِك يعني أنك تحتاجين للصبر..

قد تَصرُخين عِدّة مرّاتٍ ب "هذا يكفي" أو " لِماذا لا يُمكِنُك تنفيذُ ما أقول دون جِدال" و غيرِها لأنّ صَبرَكِ قد نَفذ.. لكن هذا لن يحُل الأمر ليس بالنسبة لكِ و بالتأكيد ليس لِأطفالِك..

أظهرَت دراسة حديثة لِكُليّة الطِب في جامِعة واشنطن أن الأطفال الذين يعيشون مع أهل مُتفهمين ، داعِمين و صبورين ، يتميزون بنمو عقلي أفضل ( حجم الدماغ الفِعلي)،  عِندما تكون قُدرتُنا على الصبر على أطفالِنا أكبر، سنصبح نحن و هُم أسعَد ، ستبدأ تصرفاتُهُم بالتغيُّر مع الوَقت، و سيتعلمون الصبر.

إليك ٦ طُرُقٍ أساسية للبِدء:

١- لا يُمكنك الاعتناء بغيرك إن لم تعتني بنفسك 
هل تُعانين من نوبات غضب أطفالِك و سوء طِباعِهم عند شُعورهم بالنعس؟ و كذلك الحال بالنسبة لنا نحن البالغِين، فالنوم الكافي (٧-٨) ساعات ضروري جِداً لصِحتك الجسديّة و النفسيّة ، أحياناً لا نحظى بنوم كافٍ لأسبابٍ غير ضرورية، كمشاهدة التلفاز مثلاً و بهدف الاسترخاء لكن الاسترخاء لا يُعوِّض حاجاتنا للنوم ..السهر لساعات طويلة يقلِل من طاقتِنا، صبرِنا و مُتعة اليوم التالي..

بالإضافة للنوم أنت بحاجة لوجبات غذائية مُنتظمة، شُرب كمياّت من الماء، الحركة كالمشي أو الرياضة، أو التحدث مع صديقة.. فأنت بحاجة لِكُل هذا لِتكوني قادرة على تعديل مشاعِرك و التحكُّم بها طوال اليوم... 

٢- واجهي قِلّة صبرِك
أحياناً لا تكون مُتطلبات أطفالِنا أو تصرفاتهم وحدها ما يُفقِدنا هدوؤنا، قد تكون خلافات بينك و بين زوجِك أو مشاكل عائليّة قديمة تركت آثاراً في نفسِك، شُعورٌ دائم بأنك مظلومة  وأمور أُخرى تُقلقك ، تقبع في عقلِك الباطِن و تترُكك بلا صبر.. من الأسباب الأُخرى المهمّة و التي نعاني منها كثيراً عدم مقدرتنا على التركيز على أطفالِنا فقط.. فعندما نتعامل معهم نتعامل أيضاً مع هواتِفنا، أعمال البيت أو ما تبقى علينا من عمل لم يُنجَز في وقت العمل.. التركيز على شيء واحد في وقت واحد يصنع فرقاً كبيراً.. مهما كان السبب فإدراكك له و حده كفيل بإيقافك مرّة بعد مرّة..

٣- تأكدي من أن تجِدي الأسباب
بعد أن تُدرِكي الأسباب الشخصيّة التي تُقلل من صبرِك، جِدي الأسباب خلف تصرُفات أطفالِك التي تُفقِدُك الصبر، فأحياناً نعلُق في صِراعات قوة مع أطفالنا و لا نُدرك الحاجة خلف تصرفاتهم، قد تكون حاجة للقليل من الاستقلالية، المُساعدة و التشجيع، أو الاهتمام.. أحياناً قد يكون الجوع، التعب، المرض أو الملل سبب التصرفات المُزعِجة  و أحياناً قد تحتاجين أنت للتخطيط و التنظيم ٍ أكثر، مثلاً إن كُنت تعانين في الصباح قبل الخروج للمدرسة و العمل، استيقظي قبل أطفالِك ب ١٥ دقيقة لتستعدي، و حضّري جميع الأغراض و الملابس في الليلة السابقة..

٤- أعيدي نظرتك لأطفالِك
ذكّري نفسك دائِماً بأن أطفالِك هُم مجرد أطفال، و تصرفاتُهُم هي تصرفات أطفال، لا يقصدون مضايقتك أو إغضابك، على العكس فهُم يُخيفُهم جِداً عدم مقدِرتك على التحكٌّم في المواقف بهدوء، و يُفقِدهُم الشعور بالآمان ثُمَّ يدفعهم لاختبارك أكثر.. إقرأي يومياً مقالة تربويّة أو صفحة من كتاب عن التربيّة لن يحتاج الأمر لأكثر من دقائق، لكنّ التذكير اليومي سيجعلُك أكثر صبراً و تفهُماً.
  
٥- تمهلّي و اخطَ خطوات أطفالِك
نسعى نحن البالغون و خصوصاً الأُمهات لإنجاز مهامِنا و مسؤولياتٍنا وِفقاً لِجداوِلنا و أوقاتنا، لكنّ هذه الجداول و الأوقات لا تعني شيئاً لِأطفالنا.. ففُضولهُم كبير و حاجتهم للتعلُّم و حب الاستكشاف غير محدودة .. قد يتوقف طِفلُكِ لِمراقبة نملة في الطريق بينما تُحاولين أنتِ الوصول الى البيت بأسرع وقت..تطلُبين منه التحرّك عدة مرّات لكنّه لن يتحرّك.. نصيحتي لك بأن تستغلّي هذه الفُرصة لتُراقبي جمال هذا العالم من حولِك بتفاصيله الصغيرة التي لم نعُد نراها.. توقفي و امنحي نفسك ٥ دقائق شارِكي فيها طِفلك اهتمامه، لا تقفي فقط و تنتظري.. بل شاركيه اهتمامه..أو أخرجي من البيت قبل الوقت المُحدد لِتُعطيه وقته، فخمسة دقائق لن تُغيِّر كثيرا على برنامجك لكنّها ستعني الكثير لِطِفلك.. و قد تتفاجئين في سُرعة استجابة طِفلك عندما تُقررين التحرُّك..   

٦- أُطلبي المُساعدة عند الحاجة
عندما تجِدين نفسك في موقِفٍ صعب و أصبحت مسؤولياتُك تفوق قُدرتك، لا بأس في أن تطلُبي المُساعدة ، من زوجك ، من عائلتك أو من شخصٍ مُختص.. كالمُساعدة في أعمال البيت، الاهتمام بالأطفال أو حتى مُرشِدٌ مُختصٌ في التربية .. قد يكون هذا سبباً في تغيير حياتك

مع الحُب
لانا أبو حميدان

الاثنين، 4 مايو 2015

6 نصائح لتطوير شخصيّة طفلك (ما قبل المدرسة)


على الأغلب أنّك قد لاحظت بعض سمات شخصيّة طفلك منذ أيّامه الأولى، كمحاولاته المستمرّة للوصول إلى خشخيشته، أو تضايقه من الأصوات المرتفعة. إلّا أن شخصيّة طفلك لن تظهر بوضوح، حتى الفترة العمريّة ما بين 3-5 سنوات.


ما هي أنواع التغيّرات التي يمكنك توقّع حدوثها في سن الحضانة (ما قبل المدرسة)، و كيف يمكنك كأم أو أب أن تساعد في  تبلور شخصيّة طفلك؟ أو حتى هل يجب عليك التدخّل لتطوير شخصيّة طفلك؟

التعبير عن و التحكم ب(الذات)
يقول ديتر ديكارد:  "ما بين الأعمار 3-5 سنوات ستلاحظ أن طفلك يصبح أكثر قدرةً و راحة في التعبير عن نفسه". ديتر هو بروفيسور علم نفس في جامعة فيرجينيا بوليتكنيك

في خلال هذه السنوات، يبدأ الأطفال في مرحلة الحضانة (ما قبل المدرسة) بتطوير قدرتهم على التحكّم بالذات. في هذه المرحلة سيبدأ أطفالك بتقليل اعتمادهم عليك لتهدئئتهم و الاعتماد أكثر و أكثر على أنفسهم في فعل ذلك. في هذه المرحلة يبدأون بالتعلّم كيف يمكنهم تهدئة أنفسهم عندما يشعرون بالإثارة، الخوف أو الغضب، كما سيصبحون أكثر انتباهً و أكثر تحكّماً بردود أفعالهم.

كما أن هؤلاء الأطفال في هذه المرحلة يبدأون بتكوين فهمهم لنفسهم و تطوير ثقتهم بأنفسهم. كما يكتسبون من خلال المحاولة و التجربة الخبرة في التعامل مع الآخرين.

عند بلوغهم سن الخامسة، يصبح الأطفال أكثر قدرة على التعاطف مع الأم و الأب. كما سيتوصّلون لفهم فكرة أن للوالدين حاجاتهم و رغباتهم الخاصة. كما يبدأون بإظهار مشاعرهم بسهولة أكثر و يبدأون بتطوير عالم خيالي خاص بهم. في هذا العمر يتذبذب الأطفال ما بين كونهم متطلّبين و متعاونين.


الطرق التي يمكنك من خلالها مساعدة طفلك على تطوير شخصيّته بطريقة سليمة


على الرغم من أن شخصيّة طفلك ستبدأ بالنمو والتطوّر طبيعياً، ما زال هناك الكثير لتفعله كأم أو أب للمساعدة أو تفادي بعض الأخطاء.

1- تذكّر أن طفلك فريد من نوعه و مختلف: الأطفال يختلفون منذ البداية في شخصيّاتهم، حتى إن كانوا إخوة. أهم ما يجب تذكّره أن تنمية شخصيّة سليم لطفلك تعتمد على أمومة/أبوّة حساسة تجاه و متفاعلة مع نقاط القوّة والحاجات في شخصيّة طفلك.

2- شجّع اللعب: اللعب له تأثير كبير في تطوير شخصيّة طفلك، إعطاء أطفالك الوقت الكافي للّعب هو المفتاح لمساعدتهم على بلورة شخصيّتهم. اللعب يحفّز الطفل ليتطوّر جسدياً، عقليّاً و عاطفيّاً، يتعلّم من خلاله العمل في جماعات و حل النزاعات. كما يساعده تقمّص شخصيات مختلفة أثناء اللعب على تطوير خياله و التدرّب على اتخاذ القرارات، الدفاع عن نفسه و أفكاره، البحث و الاستكشاف و كيفيّة قيادة الموقف.

3- تجنّب الألقاب: إن أهم ما يجب عليك أن تنتبه إليه أن تساعد شخصيّة طفلك على التبلور دون أن تكون آراءك أو آراء الآخرين عنه هي الحافز أو العامل المشكّل لها، لذا تجنّب ألقاب كخجول، متأمّر، عصبي أو عنيد.

4- كن القدوة: أنت الشخص الذي يراه طفلك معظم الوقت و يقلّده في معظم الأحيان. لذا الأمر منوط بك لتظهر له أفضل الطرق للتصرّف بأدب ، المشاركة ، الصبر و غيرها الكثير من خلال تصرّفاتك أنت تجاهه و تجاه الآخرين.

5- أدرك أن شخصيّته هي نتيجة خليط من الجينات و التربية (الطبع و التطبّع): لا تعزي تصرّفات ابنك لطبعه فقط أو لتربيتك فقط. لكل جانب أهميّته، و هذان الجانبان مجتمِعان هما السبب الأساسي للشخصيّات المتنوّعة في المجتمع.

6-  أعط طفلك الفرصة ليكون نفسه و ليس نسخة عنك: قد تكون أنت انسان اجتماعي، منضبط، هادئ أو حتى خجول. و قد تشعر في بعض الأحيان أنّك تريد أن يكون طفلك كذلك. إلاّ أن عليك أن تقاوم هذا الشعور و تساعد طفلك على اختبار العالم و عيش حياته بطريقته الخاصة.

هناك المزيد من الأشياء التي يمكنك أن تفعلها لتساعد في تطوير شخصيّة طفلك، كالقراءة له، و تحديد وقت التلفاز و التواصل مع الأجهزة الالكترونيّة مقابل اللعب التفاعلي معك و مع أقرانه من الأطفال.

كما يشجّع الخبراء على مراقبة اهتمامات طفلك، و العمل على دعمها إضافةً للبحث عن فرص لتوسيع مداركه، الطرق التي يمكنك دعم تطوير شخصيّة طفلك لا متناهية.


هل علينا تغيير شخصيّة أطفالنا في عمر ما قبل المدرسة؟

علينا أن نعطي المجال لأطفالنا ليكونوا ما هم عليه مع تقديم بعض التحدّيات أو الفرص لتجربة ما هو جديد أو ما يدفعهم لتحدّي حدود شخصيّتهم دون إجبار. 

كما يقترح ديتر ديكارد التالي:

  • شخصيّة الطفل في مرحلة ما قبل المدرسة تكون مستقرّة إلى حد كبير إلّا أنها ليست ثابتة، الانسان يتغيّر و يتطوّر.
  • من أفضل ما يمكنك فعله كأم/أب أن تدفعه لتجارب جديدة تساعده في تطوير جوانب مختلفة من شخصيّته.
  • و أهم من كل ذلك "ابذل مجهودك لخلق بيئة محبّة و داعمة لطفلك، بدلاً من أن تحاول أن تجعله يتصرّف بطريقة معيّنة أو كشخص معيّن".