الجمعة، 22 أغسطس 2014

عندما يكذب أطفالنا


ما لا يعرفه كثيرٌ منّا أنّ الكذب عند الأطفال ما هو في الحقيقة إلاّ مرحلة طبيعية من مراحل التطور العقلي التي يمر بها أطفالنا، عقابهم عليه أو حتّى التهديد بذلك سيدفعهم لبذل جهد أكبر في المرات القادمة لإخفاء الحقيقة، أي سيجعل منهم كاذبين أفضل.

يتملّك الأطفال الصغار-حتى عمر ٧ سنوات- رغبة لإسعادنا، لذا ما نعتبره "كذبة" هو عادةً محاولة من الطفل لإرضائنا و إسعادنا، في هذه الحالة أفضل ما يجب فعله هو التركيز على أهمية الصدق و تجاهل الكذبة بذاتها، أخبر طفلك بأن الحقيقة تجعلك سعيداً، فإن لم يكن هناك خوف من العقاب فهذا سيتحدّى دافعه الأصلي للكذب و هو أنّ سماعك لخبرٍ جيد و ليس الحقيقة هو ما سيسعدك . هذا النوع من "الكذب" هو طريقة لتحقيق أمنياتهم ، و هذا أمر شائع جداً حتى سن السابعة حيث يخلط الطفل كثيراً بين الحقيقة و بين ما يتمنى .

الكذب بمعناه الحقيقي، الكذب المتعمد الذي يقصد طفلك منه خداعك هو أيضاً مرحلة من مراحل التطور التي يدركها الطفل عادة بعد سن السابعة، فالطفل الذي يحاول ان يقنعك بأمر غير حقيقي عليه أن ينظُم حقيقة غير الحقيقة و يضعها بطريقة لتصدّقها أنت ثم محاولة إقناعك بها، لذا هذا النوع من الكذب يتطلّب مهارات عقليّة و اجتماعيّة متقدّمة لا يمتلكها الأطفال دون سن السابعة.

لكن كيف تتعامل مع هذه الطريقة في تحقيق الأماني؟ إليك هذا المثال

الموقف
كثيراً ما ينسى طفلك ذو الثلاث سنوات غسل يديه بعد الذهاب الى الحمام، تسأله أنت عند خروجه عمّا إذا كان قد غسل يديه فيجيبك بنعم بينما تستطيع ان ترى بأن يديه جافة تماماً. 

خلف التصرف
طفلك يريد إرضائك , و من الصعب على طفلٍ في هذا العمر المواظبة على تصرف معيّن دون الحاجة للتذكير، فهو يعرف أنّك أردت منه غسل يديه لكنه خرج و قد نسي ذلك.

كيف تتصرف؟ 
بعيداً عن أي نوع من التأنيب، أو التذنيب، أعلمه بأنّك تعرف حقيقة الموقف" أنا أعرف يا حبيبي أنك تتمنى لو أنّك غسلت يديك قبل خروجك و لكنّي أراها جافة ، هيا نعد للحمّام و لنغسلها" . بهذا تكون قد أشعرت طفلك بتفهمك لأمنيته و ساعدته على فصلها عن الحقيقة.

مثال آخر،الموقف
تعرّض ابنك ذو الستة أعوام لمشكلة في المدرسة بسبب شغبٍ أحدثه في الصف، و قد علمت أنت ذلك من معلمته قبل وصوله للبيت، و عند عودته تسأله عما إذا حصل معه أي شئ في المدرسة لكنه ينفي ذلك و في محاولة أخرى لدفعه للتكلّم تسأله مرة أخرى إن كان قد وقع في أي مشاكل و ينفي ذلك أيضاً.

خلف التصرف
الخوف، الخوف من عقابك أو من تخييب آمالك قد يكون دافعه للكذب.

كيف تتصرف؟
إذا كنت تعرف جواب السؤال الموجّه لابنك و كان هناك احتمال بأن لا يردّ بالحقيقة فلا تنصب له فخاً، من الأفضل أن تكن أنت صريحاً و تخبره بما تعرف، "لقد تكلّمت مع مُدٓرِّستك اليوم و علمت منها أنّك تعرضت للمشاكل ، كيف يمكننا تجنّب مثل هذه المواقف في المرّات القادمة؟" 

عندما يشعر صغارنا بحبّنا غير المشروط لهم، و يختفي الخوف من العقاب ، لن يتطور الكذب ليصبح مشكلة أخلاقية لديهم، و تذكّر دائماً أن صدقك مع أطفالك و مع الجميع هو ما يضمن لك حقاً أطفال صادقين.

مع الحب
لانا أبو حميدان

مواضيع إخترناها لك:

الثلاثاء، 12 أغسطس 2014

ما هي أهم مهارة لتعلمها لأطفالك للنجاح في حياتهم


نتعرّض كل يوم لتحدّيات تولّدها تصرفات أطفالنا، تثير بعضاً منها أسوأ ما فينا و تفقدنا هدوؤنا و قدرتنا على التحكم بتصرفاتنا، تخيّل مثلاً أنّك أعطيت طفلك كوب حليب ليشربه، و تتفاجأ به ينفجر بالبكاء و الصراخ لأنّه يرغب بلون كوب مختلف قد لا تملكه أنت اساساً. من الطبيعي أن يثير صراخه و بكاءه هذا لديك مشاعر الضيق و رغبة بالتذمر و التأفف و أول ما قد تنطق به هو "توقف عن البكاء و اشرب حليبك فلون الكوب لا يهم ".

هل هذا لأن طفلك مدلّل؟ هل هو صعب الإرضاء ؟ ماذا لو قلت لك بأنّ طفلك ليس مدلّلاً أو أي شيئ من هذا القبيل،  طفلك ينقصه فقط مهارة مهمة جداً و هي "التحكم الذاتي" ، و إدراكنا لأهميّتها سيساعدنا على رؤية تصرفاتٍ كهذه كفرصة للتعليم، لكن كيف؟

الوعي هو المفتاح
لنتمكّن من مساعدة أطفالنا على التحكّم الذاتي بتصرفاتهم و التعامل مع جميع مشاعرهم لا بد لنا من فهم تصرفاتنا أوّلاً ، فهمنا للرابط بين الطريقة التي تعامَل فيها أهلنا مع مشاعرنا و طريقة تعاملنا نحن مع أطفالنا مهم جداً، هل كانت مشاعرنا كأطفال مهملة،  هل كان مسموح لنا الشعور بالغضب، الخوف، أو الحزن؟ إن ردّاً كالرد أعلاه قد يأنّب طفلك على مشاعره. كيف سيتغير الوضع اذا كنت واعياً كفاية لتستغل اللحظة لتعلّم طفلك شيئا؟ 

إبقى في "الجزء المفكر" من عقلك
إن أوّل خطوة للتصرف في موقف كهذا هو التوقّف لدقيقة و التنفس بعمق، التنفس يساعدك على تبديد التوتر و يوقفك من التصرف بغير تفكير، إن اختيارك لتهدئة نفسك أوّلاً يعطيك الفرصة للبقاء في "الجزء المفكر" من عقلك و هو الجزء المسؤول عن المهارات والذكاء و حل المشاكل. فكر بتصرفات أطفالك التي تستثيرك.ربما البكاء، الإلحاح، الكسل، عدم الاحترام، عدم الاستماع، عدم تحمّل المسؤولية، التصرّف بسخافة أو غيرها، فتحديدك لمسبّبات غضبك سيساعدك على التحكم بها. في المرة القادمة عندما تلاحظ أنّ تصرفاً بدء بإثارة غضبك ، ابتسم.. تنفّس..و استرخي..و ردّد لنفسك أنّك بأمان و قادر على التعامل مع الموقف.

لتفهم أكثر قارن نفسك بأحد المسعفين في حالة طوارئ، تخيل انك  قد تعرضت لحادث فيهرع إليك و هو متوتر فيبدأ بالصراخ و سؤالك ماذا كنت تفكّر؟ لماذا لم تربط حزام الأمان، و يتوقف ليتذكر ماذا عليه أن يفعل ليوقف نزيفك مثلاً ! هل سيساعدك هذا حقّاً! أنت تحتاج لمسعف هادئ ، واثق، يصل إليك و هو مستعد للمساعدة.. و هذا يتطلب الممارسة و كذلك الحال بالنسبة لك.

اوصف، اعط اسماً، و اعترف
الآن و بما انك تحكمت بنفسك، يمكنك مساعدة طفلك. يمكنك استخدام هذا التسلسل البسيط للتعامل مع المواقف المحملة بالمشاعر و الانفعالات:

١-صف انفعالات طفلك
اوصف لطفلك ما تراه أمامك من إظهار لمشاعره ، ككلمات ، حركات و تعابير وجه. مثل أرى انك" قد حركت يدك هكذا" أو  "ضربت بقدمك الأرض هكذا" و عندما ينظر إليك طفلك أره وجهاً لطيفاً متفهماً.

٢- سمي المشاعر
أعط اسماءً للمشاعر التي تعتقد أنها تولدت لدى طفلك و تذكر "كل تصرفات أطفالك هي نداء للمساعدة"، يمكنك استخدام واحدة من أربعة مشاعر أساسية و هي (الفرح، الحزن، الغضب و الخوف) كأن تقول له "انت تبدو غاضب ".

٣- اعترف برغبات طفلك
انهي العملية بإظهار تفهمك لرغباته و أمانيه مهما رأيتها غير منطقية، فهذا يعلمه شيئاً و احد عنك و هو انك متفهم. مثل "انت تمنيت ان تشرب بكوب مختلف" ، و هذا بالتأكيد لا يعني تلبية طلبه.

انك بهذا التسلسل تساعد طفلك على الإدراك، على ملاحظة إشارات جسده و تعديل مشاعره بنفسه. أما انت فقد نجحت بضبط نفسك و رؤية الأمور بعيني صغيرك..

مع الحب 
لانا أبو حميدان 


مواضيع إخترناها لك:

السبت، 2 أغسطس 2014

كيف تخاطب أطفالك ؟


عندما نمر في يوم صعب أو حتى في موقف صعب فإننا نجد أن لغتنا في تعاملنا مع أطفالنا تميل إلى السلبية , نميل للانتقاد بدلاً من التشجيع و تفقد نبرتنا اللطف و الصبر.المشكلة أننا متى بدأنا فإننا ندخل في دائرة مستمرة من هذا الأسلوب تنتهي بخسارة التواصل مع أبنائنا و بالتالي خسارة تعاونهم, والأهم من ذلك السماح لهم باستخدام نفس الأسلوب معنا, هل تبدو هذه المواقف مألوفة لك؟

" امي انا لا ارغب بتنظيف غرفتي الان " , " لكنك ستنظفها الان على اية حال"

"هيا تحرك اصعد في السيارة الان, اسرع  ماذا تنتظر,لقد تاخرنا كثيرا" , "حسنا حسنا انا قادم هذا يكفي"

لكن بالنسبة لأطفالنا لغة الحب و الاهتمام هي كلمات التشجيع و التوجيه بلطف و احترام, لغة تقدّرهم و تتقبّلهم, لذا من المهم في المواقف الصعبة أن نتوقف لدقيقة و نتذكّر أن نكون عقلانيين ليس فقط في اختيار كلماتنا و ردودنا بل أيضاً في :

 لغة جسدنا :
هل ننظر لأطفالنا عنما يكلموننا, هل نتأفّف و نقلب عيوننا عندما لا يعجبنا ما يقولون؟ هل حقاً نعطيهم ما يستحقون من وقتنا و نستمع لما يقولون للنهاية و نشعرهم بذلك؟

نبرة صوتنا:
كثيراً ما نسمع شخصاً يقول شيئاً لكننا نفهم شيئاً مختلفاً تماماً فقط بسبب نبرة الصوت التي استخدمها. عندما نطلب من أطفالنا أمراً بسيطاً بأسلوب حاد او نطلب منهم التوقف عن أمر ما بعصبية و انزعاج فإنّنا نريهم ان هذا أسلوب مقبول للتعامل بغض النظر عن الأسباب و الظروف.

انتقاد ما لا يعجبنا فيهم:
انتقاد ابنائنا بجميع أشكاله لا يفيد ابداً, حتى عند حاجتك لتصحيح تصرّفاتهم حاول أن تستخدم التشجيع بدلاً من الانتقاد, مثلاً:

بدلاً من " لماذا ضربت أخاك الصغير, أنت ولد عدواني" تستطيع ان تقول " انا أعرف أنّك لم تقصد إيذاء أخيك كيف تستطيع مساعدته الآن"

و كذلك النظر لأخطائهم بسلبية , حاول الابتعاد عن كلمتي "دائماً" و "أبداً" مثل " انت لا تساعد ابداً" و " انت تترك ملابسك في الارض دائماً" , اترك السلبية و عوّد نفسك على استخدام توجيهات واضحة و محدّدة عندما ترى ما لا يعجبك مثل "غرفتك تحتاج لأن تنظَّف قبل أن تخرج" و " يمكنك أن تعلّق ثيابك أو تطويها".
تذكر دائما بذل الجهد في التحكم في لغتك هو طريقك لخلق جو العائلة الايجابي و السلمي الذي تتمناه .


مع الحب
لانا أبو حميدان

مواضيع إخترناها لك: