لدى كل منا طريقته في فعل كل شيء ، و لدى كل منا أيضاً (منطقة آمنة) يفضل البقاء فيها خوفاً من التغيير حتى لو كان ذلك التغيير للأفضل.. بالنسبة لتربية أولادنا و تعاملنا معهم، فالأغلبية العظمى منا يتّبع طريقة و نهج أهله، أو يستمع لنصائح أصدقائه و جيرانه و يفضّل أن يقضي فترة طفولتهم يتذمر من تصرفاتهم و مشاكلهم التي تبدو أنها لا تنتهي بدلاً من البحث عن الطريقة الأفضل..
هل هذا لأننا أهلٌ سيؤون؟
هل لأنّنا لا نهتمّ كفاية لأطفالنا؟ هل نحن مشغولون بأمور حياتنا الأخرى لدرجة إهمال أغلى ما في حياتنا؟ بالطبع لا.. و إنما بسبب الخوف من التغيير و دفع عقلنا الباطن لنا لمقاومته(التغيير) دائماً. بالإضافة أننا ننظر لأنفسنا و لجميع من حولنا و نفكّر "ها نحن رجال و نساء طبيعيون لا نشكو من شيء بالرغم من الطرق التقليدية التي تربّينا بها".. لكن هناك في داخل كل أم و أب رغبة في إرسال صغارهم على طريق النجاح و التميز ، ليس فقط أن يكبروا ليكونوا طبيعيين لا يشكون من شيء.. و هناك رغبة أو قد أسميها "حلم" بأن تمر سنين طفولتهم بسلام و محبة و تفاهم.. التربية الإيجابية هي طريقك لذلك، هي التغير للأفضل..
لكن ما المشكلة ؟
عندما تغيّر طريقة تعاملك مع أطفالك و تصبح إيجابياً، توقف العقاب، الحرمان و الضرب. ترى إساءة التصرف على أنها طلب للمساعدة و تتقبل جميع مشاعرهم.. قد ترى أموراً بدأت تتغيّر للأفضل، و قد تتشجع و تشعر بالثقة بأن التربية الإيجابية هي الأفضل، و لكن ماذا عندما تكون الأمور صعبة، و يتصرف أطفالك بطريقة غير مرغوبة على الرغم من وضعك الحدود و توجيهك الإيجابي لهم؟ فهذا ليس من المفروض أن يحدث!!
التربية الإيجابية ليست حلاً سحرياً، و هي ليست ضماناً لعدم حدوث الخلافات أو التصرفات الخاطئة، فمهما كنت مثالاً جيداً لأطفالك، أرشدتهم بلطف و عقلانية كبيرتان و حافظت على علاقة متينة مبنيّة على الاحترام المتبادل، سيكون هناك تلك الأوقات التي ستشعر فيها بالفشل، ستشعر فيها بأنك ستستسلم و تعود للطرق التقليدية..ستظن أنك كنت ليناً معهم لدرجة أنهم أصبحوا بحاجة للتأديب.. لكن
انحناءة في الطريق ليست هي نهاية الطريق، إلا اذا لم تتمكّن من الانعطاف...
عندما تمنع طفلك من تصرف خاطئ بإيقافه و تذكيره بأنّه ممنوع.. و بعدها تحاول معرفة الحاجة و الدافع خلفه - و أحيانا لن تتمكن من ذلك - ثم تتعاطف معه.. لكنه و مع ذلك يستمر بالتصرف الخاطئ لأسابيع و أشهر.. سيكون من الأسهل و الأسرع أن تهدّده أو تحرمه ما يحب، تأنبه، تصرخ عليه و تضربه.. بالطبع لأن الخوف كفيل بإيقافه بالسرعة التي تتمناها..لكن التربية الإيجابية تحتاج لوقت.. ربما الكثير من الوقت.. لأنك لست فقط توقف ابنك من فعل الأمور الخاطئة بل أنت تعلّمه دروساً للحياة..تعلّمه تقبل القوانين حوله حتى لو لم تعجبه..تبني عقله تدريجياً ليفهم لما الخطأ خطأ و الصواب صواب.. ليكون قادراً على اختيار الصواب دون وجودك لتخيفه و تعاقبه..ليستطيع الوقوف أمام ضغوط رفاق السوء..ليكبر إنساناً متعاوناً متعاطفاً يهتمّ لغيره. و الأهم من ذلك أنك تثبت له بأنك صديقه الأفضل الذي يستطيع دائماً التأثير عليه بالحب و المعرفة و الحكمة ليكبر و يخطو على طريق النجاح..
ابقي إيمانك قوياً بأطفالك و بقدراتك و بأن علاقتك بهم هي ما سيدوم حقاً..و هي ما سيمنح القدرة على التأثير عليهم مهما كبرت أعمارهم..
مع الحب
لانا أبو حميدان
مع الحب
لانا أبو حميدان
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق