كنت أقف بانتظار المصعد في السوق
التجاري، عندما جاءت سيدة مع اطفالها وكانت تتحدث بغضب مع طفلتها. والطفلة تبكي
وتتمتم بكلمات لم استطع فهمها . وبدون مقدمات وجدت الأم تصفع الطفلة وتبعدها
بعيدا عنها، نظرت الطفلة للواقفين ثم توارت خلف جدتها وهي تبكي بصوت خافت، حاولت
الجدة التدخل لكن الأم قالت بصوت غاضب: " إنها عنيدة وقد تعبت من التعامل معها
إنها ليست مثل أخيها". نَظرْتُ إليه وهو يستمتع بأكل الآيس كريم بالرغم من برودة
الجو وقد بدا الفرح والانتصار على وجهه. استمرت الأم في التذمر من المصعد الذي
تأخر والصراخ على الطفلة , حاولت إحدى
السيدات تلطيف الجو وقالت انها سعيدة برؤية اشخاص من وطنها , استجابت الجدة وبدأت الحوار
والتعارف دون اي رد فعل من الأم الغاضبة .
هذا المشهد يتكرر بين الحين والآخر وبصور متعددة الأم الغاضبة أو الأب الغاضب والأطفال المشاغبون والتعامل بقسوة ومقارنتهم بغيرهم و دون احترام لمشاعرهم أو احترام لشخصيتهم أمام الغرباء بالرغم من الحب الشديد الذي يحملونه لهؤلاء الأطفال الأمر الذي قد يؤثر سلبا على الطفل في بناء شخصيته وتكوينه النفسي و ما يعرف بالذكاء العاطفي
ماهو الذكاء العاطفي؟
يعرّف الباحثون الذكاء العاطفي بأنه القدرة
على فهم الانفعالات، ومعرفتها، والتمييز بينها، والقدرة على ضبطها والتعامل معها
بإيجابية مما يعنى أن تأثير الانفعال والوجدان على السلوك والتعلم
يفوق كثيرًا تأثير العمليات المنطقية على السلوك والتعلم، ممّا يعني أن علينا أن
نعمل على ان يمتلك اطفالنا هذه المهارات في بيئة محبة عطوفة وآمنة بعيدة عن
التهديد والقلق حتى نتمكن من بناء شخصية ناضجة متزنة تتحمل المسؤولية متعاونة وقادرة
على التواصل مع الآخرين وضبط النفس في مواقف الصراع وحل المشكلات وهي مهارات
أساسية للنجاح فقد اشارت الدراسات الحديثة إلى أن الذكاء العاطفي يتنبأ بـ 80 % من نجاح الإنسان في الحياة.
أتذكرعندما كان ابنائي صغارا كنت أثور في بعض الأحيان لتصرفاتهم ولكن العجيب في الأمر انني كنت عندما اتذكر تصرفاتهم عندما اجلس في عيادتي كنت اضحك على تصرفاتهم الطفولية بالرغم من انها اثارتني مما يعني اننا أحيان نتصرف تحت ضغوط معينة بطريقة قد يكون مبالغا فيها تحت تأثير المشاعر السلبية التي نحتفظ بها في اعماقنا منتظرةً لحظة انفجار, لكن علينا أن نتذكر دائما اننا نستطيع بالحب غير المشروط ان نتغلب على ذلك وعلينا أن نعمل على ان نفتح قنوات الحب و التواصل مع ابنائنا لنبني شخصياتهم ليكونوا افرادا فاعلين في مجتمعهم نفخر بهم و نسعد بإنجازاتهم, لذلك رأيت أن أبدأ سلسلة للتفاعل مع الأمهات ومشاركتهن الطرق الإيجابية في تربية الأبناء و سأكون في غاية السعادة لسماع قصصكن ومشاركتها مع الأمهات الأخريات.
بقلم : د. خوله الحياصات
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق